كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 14)

وروَى ابنُ القاسم (¬١) عن مالك، قال: لا يصومُ أحدٌ يومَ الفِطْرِ ولا يومَ النَّحْرِ بحالٍ من الأحوال، ولا ينبغي لأحدٍ أن يصومَ أيامَ الذَّبح الثلاثة.
قال: وأما اليومان اللذان بعدَ يوم النَّحْر، فلا يصومُهما أحدٌ متطوعًا، ولا يقضي فيهما صيامًا واجبًا من نذرٍ ولا رمضان، ولا يصومُهما إلّا المتمتعُ الذي لم يصُمْ في الحجِّ ولم يجدِ الهدي.
قال: وأما آخرُ أيام التشريق فيصامُ إن نذَره رجلٌ، أو نذَر صيامَ ذي الحجة، فأما قضاءُ رمضانَ أو غيرِه فلا يفعلُ، إلّا أن يكونَ قد صام قبلَ ذلك صيامًا متتابعًا فمرِض ثم صحَّ وقويَ على الصيام في هذا اليوم، فيَبْني على الصيام الذي كان صامه في الظِّهار أو قَتْلِ النَّفْس، وأمّا رمضانُ خاصةً فإنه لا يصومُه عنه (¬٢).
وقال الشافعيُّ في رواية الرَّبيع والمُزني (¬٣): ولا يصامُ يومُ الفطر، ولا يومُ النحر، ولا أيامُ منًى، فرضًا ولا تطوعًا، ولو صامها متمتعٌ لم يجدْ هديًا لم يُجزِئ عنه بحال. قال المُزنيُّ: وقد قال مرة: يُجزِئ عنه. ثم رجَع عنه. وأصحابُ الشافعيِّ على القولين جميعًا.
وقال أبو حنيفةَ وأصحابُه وابنُ عُليّة: لا يصوم يوم الفطرِ ولا يومُ النحرِ ولا أيامُ التشريقِ على حال، ومَن نذَر صيامَها لم يَجُزْ له، وقضاها، ولا يصومُها المتمتعُ ولا غيرُه (¬٤).
وقال الليثُ: لا يصومُ أحدٌ أيامَ منًى، متمتعٌ ولا غيرُه. والحجةُ لمذهبِ الليثِ ومَن قال كقوله، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمَر مناديَه فنادَى في أيام التشريق: "إنها أيامُ
---------------
(¬١) في المدوّنة ١/ ٢٨٤.
(¬٢) المدوّنة ١/ ٢٨٤.
(¬٣) الأمّ ٧/ ٧٠، ومختصر المُزنيّ ٨/ ٥٤ و ١١٦، وينظر: مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٢/ ٤١.
(¬٤) ينظر: مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٢/ ٤٠.

الصفحة 440