كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 14)

عن الضحاك -في قوله: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} - قال: سُكرُ النوم (¬١). ولا أعلمُ أحدًا قال ذلك غيرَ الضحاك.
وأما عكرمةُ فقال: نسخَتها: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} الآيةَ (¬٢) [المائدة: ٦].
وقال مجاهد: كانوا يُصلُّون وهم سُكارى قبل نُزول تحريم الخمر، فنزلت: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ}. ثم نسخها تحريمُ الخمر.
وقال قتادة: كانوا يَجتَنبون الخمرَ حَضْرةَ الصلاة، ثم نزَل تحريمُ الخمر (¬٣).
وقال ابنُ وَهْب (¬٤)، عن يونُس، عن ابن شهاب، قال: نزلت هذه الآيةُ قبل تحريم الخمر، فكانوا يَجتنبونها عندَ الصلاة، ثم نزَل تحريمُ الخمر بعدَ ذلك في "المائدة".
---------------
(¬١) أخرجه إسماعيل بن إسحاق القاضي في أحكام القرآن (١٢٩)، وابن جرير الطبري في تفسيره ٨/ ٣٧٧، وابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٩٥٩ (٥٣٥٦) من طرق عن وكيع بن الجرّاح، به.
وأخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره ٨/ ٣٧٨، وابن المنذر في تفسيره (١٨٠٢) من طريقين عن سلمة بن نبيط، به.
(¬٢) ذكره ابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٩٥٩ عن عكرمة ومجاهد والحسن والضحاك وغيرهم.
وقال النحاس في الناسخ والمنسوخ له، ص ٣٣٦ - ٣٣٧: "أكثر العلماء على أنها منسوخة، غير أنهم يختلفون في الناسخ لها"، ثم قال بعد أن أخرجه من طريق عكرمة عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما: "فيكون على هذا قد نُسِخت الآيةُ على الحقيقة، يكونون أُمِروا بألّا يُصلُّوا إذا سَكِروا، ثم أُمِروا بالصّلاة على كل حالٍ".
(¬٣) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ١/ ١٦٣، وابن جرير الطبري في تفسيره ٨/ ٣٧٧.
(¬٤) هو عبد اللَّه بن وهب المصري، ويونس: هو ابن يزيد الأيليّ.

الصفحة 58