كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 14)

المسلمون ذلك منه، فبايَعوا أبا بكر بعدَه، فخِيرَ لهم في ذلك، ونفَعهم اللَّهُ به، وبارَك لهم فيه، فقاتَل أهلَ الرِّدَّة حتى أقامَ الدِّين كما كان، وعدَل في الرعية، وقسَم بالسَّويَّة، وسار بسِيْرة رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حتى توفّاه اللَّهُ حميدًا، رضي اللَّه عنه.
وقد روَى هذا الحديثَ حمادُ بنُ سَلَمة، عن هشام بن عُروةَ، عن أبيه، عن عائشةَ، بمعنى حديث مالك (¬١). قال حمادٌ: وأخبَرنا أيوب، عن ابن أبي مُلَيكة، عن عائشة، بمثله. قال ابنُ أبي مُليكة: وأيُّ خلافةٍ أبينُ من هذا؟ (¬٢).
وقد جاءت عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- آثارٌ تدلُّ على أنَّ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يُسِرُّه ويَعلَمُ أن الخليفةَ بعدَه أبو بكر، واللَّهُ أعلم؛ منها: قولُه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اقتَدُوا باللَّذَين من بعدي؛ أبي بكر وعمرَ": حدَّثنا أحمدُ بنُ قاسم، قال: حدَّثنا قاسمُ بنُ أصبغَ، قال: حدَّثنا الحارثُ بنُ أبي أسامة، قال: حدَّثنا قَبِيصةُ بنُ عقبةَ الكوفيُّ، قال: حدَّثنا سفيانُ بنُ سعيد، عن عبدِ الملك بن عُمير، عن مولًى لرِبْعيٍّ، عن رِبْعيٍّ، عن حُذَيفة، قال: قال رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اقتَدُوا باللَّذَين من بعدي: أبي بكرٍ وعمرَ" (¬٣).
---------------
(¬١) أخرجه أحمد في المسند ٤١/ ١٩١ (٢٤٦٤٧)، وابن أبي عاصم في السُّنة ٢/ ٥٥٧، وأبو يعلى في مسنده ٧/ ٤٥٢ (٤٤٧٨) من طرق عن حمّاد بن سلمة، به. وإسناده صحيح.
(¬٢) أخرجه أبو يعلى في مسنده ٧/ ٤٥٢ (٤٤٧٩)، وإسناده صحيح. أيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني، وابن أبي مليكة: هو عبد اللَّه بن عُبيد اللَّه.
(¬٣) أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٢/ ٣٣٤، ويعقوب بن سفيان الفسوي في المعرفة والتاريخ ١/ ٤٨ من طريق قبيصة بن عقبة الكوفيّ، به.
وأخرجه أحمد في المسند ٣٨/ ٣٠٩ (٢٣٢٧٦) و ٣٨/ ٤١٨ - ٤١٩ (٢٣٤١٩)، والترمذي بإثر الحديث (٣٧٩٩)، وابن ماجة (٩٧) من طرق عن سفيان الثوري، به. وهذا إسنادٌ ضعيف لأجل مولى ربعي بن حراش -وهو هلال- فهو مجهول كما في تحرير التقريب (٧٣٥٣)، فقد تفرَّد بالرواية عنه عبد الملك بن عمير، وذكره ابن حبّان وحده في الثقات، وقد تابعه عمرو بن هرم الأزدي عند أحمد في المسند ٣٨/ ٣٩٩ (٢٣٣٨٦)، والترمذي (٣٦٦٣) فأخرجاه من طريق سالم المرادي عن عمرو بن هرم، به. وسالم: هو ابن عبد الواحد، ضعيف كما في تحرير التقريب (٢١٨٠)، فلا تنفع مثل هذه المتابعة.

الصفحة 69