قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل)
وان وكل في بيع سلعة لم يملك بيعها من نفسه من غير اذن، لان العرف في البيع أن يوجب لغيره فحمل الوكالة عليه، ولان اذن الموكل يقتضى البيع ممن يستقصى في الثمن عليه، وفى البيع من نفسه لا يستقصى في الثمن، فلم يدخل في الاذن، وهل يملك البيع من ابنه أو مكاتبه؟ فيه وجهان.
(أحدهما)
يملك، وهو قول أبى سعيد الاصطخرى، لانه يجوز أن يبيع منه ماله، فجاز له أن يبيع منه مال موكله كالأجنبي.
(والثانى)
لا يجوز، وهو قول أبى اسحاق، لانه متهم في الميل اليهما كما يتهم في الميل إلى نفسه، ولهذا لا تقبل شهادته لهما، كما لا تقبل شهادته لنفسه، فان أذن له في البيع من نفسه، ففيه وجهان.
أحدهما: يجوز كما يجوز أن يوكل المرأة في طلاقها.
والثانى: لا يجوز، وهو المنصوص لانه يجتمع في عقده غرضان متضادان الاستقصاء للموكل، والاسترخاص لنفسه فتمانعا، ويخالف الطلاق، فانه يصح بالزوج وحده، فصح بمن يوكله، والبيع لا يصح بالبائع وحده، فلم يصح بمن يوكله، وان وكل رجلا في بيع عبده ووكله آخر في شرائه لم يصح، لانه عقد واحد يجتمع فيه غرضان متضادان، فلم يصح التوكيل فيه كالبيع من نفسه.
وان وكله في خصومة رجل ووكله الرجل في خصومته، ففيه وجهان.
أحدهما: لا يصح لانه توكيل في أمر يجتمع فيه غرضان متضادان، فلم يصح، كما لو وكله أحدهما في بيع عبده ووكله آخر في شرائه.
والثانى: يصح، لانه لا يتهم في اقامة الحجة لكل واحد منهما مع حضور الحاكم فان وكل عبد الرجل
ليشترى له نفسه أو عبدا غيره من مولاه، ففيه وجهان.
(احدهما) يجوز، لانه لما جاز توكيله في الشراء من غير مولاه جاز توكيله في الشراء من مولاه
(والثانى)
لا يجوز، لان يد العبد كيد المولى، ولهذا يحكم له بما في يد العبد كما يحكم له بما في يده.
ثم لو وكل المولى في الشراء من نفسه لم يجز فكذلك إذا وكل العبد.