كتاب المجموع شرح المهذب (اسم الجزء: 14)

والمعتبر هو نقد بلد البيع وليس بلد التوكيل، فقد تعقد الوكالة في بلد والمراد بيعه في بلد آخر فيكون البيع بنقد البلد الذى جرى فيه البيع، وذلك لمعرفة أهل البلد بنقدهم، وتقويمهم المبيع بنقدهم يمنع وقوعهم في الغرر.
قال الماوردى: لما لم يصح من الوكيل أن يشترى بغير نقد البلد لم يصح من الوكيل في البيع أن يبيع بغير نقد البلد، وتحريره أنه عقد معاوضه بوكاله مطلقه فوجب أن لا يصح بغير نقد البلد قياسا على الشراء، أو لان كل جنس لا يجوز للوكيل أن يبتاع به لم يجز للوكيل أن يبيع به قياسا على البيع بغير جنس الاثمان وبالمحرمات، فعلى هذا لو كان غالب نقد البلد ذهبا لم يبعه بالفضة، ولو كان كلا النقدين سواء وليس أحدهما غالبا لزم الوكيل ببيعها بأحظها للموكل، فان استويا كان حينئذ مخيرا في بيعه بأيهما شاء، فان باعه بكلا النقدين فان كان في عقدين صحا جميعا إذا كان مما يجوز تفريق الصفقه في بيعه، وإن كان في عقد واحد فعلى وجهين أحدهما: يجوز الجمع بين النقدين كما جاز إفراد كل واحد من النقدين.
والثانى: لا يجوز، لان غالب البياعات يتناول جنسا واحدا من الاثمان فلم يجز أن يعدل إلى غالبها، وبالله التوفيق
قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل)
وان دفع إليه ألفا وقال اشتر بعينها عبدا، فاشترى في ذمته لم يصح الشراء للموكل لانه لم يرض بالتزام غير الالف، فإذا ابتاع بألف في الذمه فقد ألزمه في ذمته ألفا لم يرض بالتزامها فلم يلزمه.
وان قال اشتر لى في الذمه وانقد الالف فيه، فابتاع بعينها ففيه وجهان، أحدهما أن البيع باطل، لانه أمره بعقد لا ينفسخ بتلف الالف فعقد عقدا ينفسخ بتلف الالف، وذلك لم يأذن فيه ولم يرض به.
والثانى أنه يصح لانه أمره بعقد يلزمه الثمن مع بقاء الالف ومع تلفها وقد عقد عقدا يلزمه الثمن مع بقائها ولا يلزمه مع تلفها فزاده بذلك خيرا، وان دفع إليه ألفا وقال اشتر عبدا ولم يقل بعينها، ففيه وجهان.
أحدهما أن مقتضاه الشراء بعينها لانه لما دفع إليه الالف دل على أنه قصد الشراء بها، فعلى هذا إذا اشترى في ذمته لم يصح الشراء.
والثانى أنه لا يقتضى الشراء بعينها لان الامر مطلق، فعلى هذا يجوز
أن يشترى بعينها، ويجوز أن يشترى في الذمه وينقد الالف فيه.

الصفحة 131