كتاب المجموع شرح المهذب (اسم الجزء: 14)

أن المقصود بالزعامة تنزيل الزعيم مقام الاصل، والمقصود من حضور الاصل أداء المال، فكذلك الزعيم (الرابعة) كما أن لفظ الآيه نص في الزعامه فمعناها نص في الجعاله، وهى نوع من الاجارة، لكن الفرق بين الجعاله والاجارة أن الاجارة يتقدر فيها العوض والمعوض من الجهتين، والجعاله يتقدر فيها الجعل والعمل غير مقدر.
ودليله أن الله سبحانه شرع البيع والابتياع في الاموال لاختلاف الاغراض وتبدل الاحوال، فلما دعت الحاجة إلى انتقال الاملاك شرع لها سبيل البيع، وبيئن أحكامه، ولما كانت المنافع كالاموال في حاجة إلى استيفائها، إذ لا يقدر كل أحد أن يتصرف لنفسه في جميع أغراضه نصب الله الاجارة في استيفاء المنافع بالاعواض، لما في ذلك من الاغراض (الخامسه) فإذا ثبت هذا فقد يمكن تقدير العمل بالزمان كقوله: تخدمني اليوم.
وقد يقول: تخيط لى هذا الثوب، فيقدر العمل بالوجهين، وقد يتعذر
تقدير العمل، كقوله: من جاءني بضالتي فله كذا.
فأحد العوضين لا يصح تقديره والعوض الآخر لابد من تقديره، فان ما يسقط بالضرورة لا يتعدى سقوطه إلى مالا ضرورة فيه، والاصل فيه الحديث الذى ورد من أخذ الاجرة على الرقيه: وهو عمل لا يتقدر، وقد كانت الاجارة والجعاله قبل الاسلام فأقرتهما الشريعه، ونفت عنهما الغرر والجهاله (السادسة) في حقيقة القول في الآيه: ان المنادى لم يكن مالكا، انما كان نائبا عن يوسف ورسولا له: فشرط حمل البعير على يوسف لمن جاء بالصواع، وتحمل هو به عن يوسف، فصارت فيه ثلاث فوائد: (الاولى) الجعاله، وهى عقد يتقدر فيه الثمن، ولا يتقدر فيه المثمن (الثانيه) الكفالة، وهى ههنا مضافه إلى سبب موجب على وجه التعليق بالشرط، وقد اختلف الناس فيها اختلافا متباينا تقريره في المسائل وهذا دليل على جوازه فانه فعل نبى ولا يكون إلا شرعا.
وقد اختلف الائمة في الكفالة، فجوزها أصحاب أبى حنيفه محالة على سبب

الصفحة 4