كتاب المجموع شرح المهذب (اسم الجزء: 14)

وان لم يكن عليه ضرر ولا له في رده غرض وجب قبوله، فإن لم يتسلمه أحضره عند الحاكم ليتسلم عنه ويبرأ كما قلنا في دين السلم وان أحضره وهناك يد حائلة لم يبرأ، لان التسليم المستحق هو التسليم من غير حائل، ولهذا لو سلم المبيع مع
الحائل لم يصح تسلميه: وان سلمه وهو في حبس الحاكم صح التسليم لان حبس الحاكم ليس بحائل، ويمكن احضاره ومطالبته بما عليه من الحق.
وان حضر المكفول به بنفسه، وسلم نفسه برئ الكفيل كما يبرأ الضامن إذا أدى المضمون عنه الدين، وان غاب المكفول به إلى موضع لا يعرف خبره، لم يطالب به، وان غاب إلى موضع يعلم خبره لم يطالب به حتى يمضى زمان يمكن فيه الذهاب والمجئ، لان ما لزم تسليمه لم يلزم الا بامكان التسليم، فان مضى زمان الامكان ولم يفعل حبس الكفيل إلى أن يحضره، فان أبرأه المكفول له من الكفالة برئ كما يبرأ الضامن إذا أبرأه المضمون له، فان جاء رجل وقال أبرئ الكفيل وأنا كفيل بمن تكفل به، ففيه وجهان، قال أبو العباس: يصح، لانه نقل الضمان إلى نفسه فصار كما لو ضمن رجل مالا فأحال الضامن المضمون له على آخر.
وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ الطبري رحمهما الله لا يصح لانه تكفل بشرط أن يبرأ الكفيل.
وذلك شرط فاسد فمنع صحة العقد.
وان تكفل ببدن رجل لنفسين، فسلمه إلى أحدهما لم يبرأ من حق الآخر.
لانه ضمن تسليمين فلم يبرأ بأحدهما، كما لو ضمن لهما دينين فأدى دين أحدهما وان تكفل اثنان لرجل ببدن رجل فأحضره أحدهما، فقد قال شيخنا القاضى أبو الطيب رحمه الله: انه لا يبرأ الاخر، لانه لو أبرئ أحدهما لم يبرأ الاخر فإذا سلمه أحدهما لم يبرأ الاخر، وعندي أنه يبرأ، لان المستحق احضاره وقد حصل فبرئا، كما لو ضمن رجلان دينا فأداه أحدهما.
ويخالف الابراء فان الابراء مخالف للاداء ; والدليل عليه أن في ضمان المال لو أبرئ أحد الضامنين لم يبرأ الآخر، ولو أدى أحد الضامنين برئ.

الصفحة 51