كتاب فتح البيان في مقاصد القرآن (اسم الجزء: 14)

إلي، وقد قلت ما قلت، حتى يحكم الله ورسوله فينا، ثم جئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكرت ذلك له، فما برحت حتى نزل القرآن، فتغشى رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما كان يتغشاه ثم سري عنه، فقال لي: يا خولة قد أنزل الله فيك وفي صاحبك، ثم قرأ عليّ (قد سمع) إلى قوله: (عذاب أليم) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مريه فليعتق رقبة، قلت: يا رسول الله ما عنده ما يعتق، قال: فليصم شهرين متتابعين، قلت: والله إنه لشيخ كبير ما به من صيام، قال: فليطعم ستين مسكيناً وسقاً من تمر، قلت: والله ما ذاك عنده، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فأنا سأعينه بعذق من تمر فقلت: وأنا يا رسول الله سأعينه بوسق آخر فقال قد أصبت وأحسنت فاذهبي وتصدقي به عنه، ثم استوصي بابن عمك خيراً قالت: ففعلت "، وفي الباب أحاديث.
ثم بين سبحانه شأن الظهار في نفسه وذكر حكمه بطريق الاستئناف فقال:
(الذين يظاهرون) بضم الياء وتخفيف الظاء وكسر الهاء، وقرأ الجمهور يظهرون بالتشديد مع فتح حرف المضارعة، وقرىء يظاهرون بفتح الياء وتشديد الظاء وزيادة ألف، وقد تقدم مثل هذا في سورة الأحزاب وقرىء يتظاهرون وكلها سبعيات ومعنى الظهار شرعاً أن يقول لامرأته: أنت عليّ كظهر أمي، أنت مني أو معي أو عندي كظهر أمي ولا خلاف في كون هذا ظهاراً، واختلفوا إذا قال أنت علي كظهر ابنتي أو أختي أو غير ذلك من ذوات المحارم، فذهب جماعة منهم أبو حنيفة ومالك إلى أنه ظهار وبه قال الحسن والنخعي والزهري والأوزاعي والثوري، وقال جماعة منهم قتادة والشعبي: إنه لا يكون ظهاراً بل يختص الظهار بالأم وحدها واختلفت الرواية عن الشافعي فروي عنه كالقول الأول وكالقول الثاني.
وأصل الظهار مشتق من الظهر وهو لغة العلو وليس هو من ظهر الإنسان واختلفوا إذا قال لامرأته: أنت عليّ كرأس أمي أو يدها أو رجلها أو نحو ذلك، هل يكون ظهاراً أم لا؟ وهكذا إذا قال: أنت عليّ كأمي ولم يذكر

الصفحة 11