كتاب كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري (اسم الجزء: 14)

باب كم اعتمر النبي -صلى الله عليه وسلم-؟
الحديث الرابع
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ جَالِسٌ إِلَى حُجْرَةِ عَائِشَةَ، وَإِذَا نَاسٌ يُصَلُّونَ فِي الْمَسْجِدِ صَلاَةَ الضُّحَى. قَالَ: فَسَأَلْنَاهُ عَنْ صَلاَتِهِمْ. فَقَالَ: بِدْعَةٌ. ثُمَّ قَالَ لَهُ: كَمِ اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-؟ قَالَ: أَرْبَعً إِحْدَاهُنَّ فِي رَجَبٍ، فَكَرِهْنَا أَنْ نَرُدَّ عَلَيْهِ. قَالَ: وَسَمِعْنَا اسْتِنَانَ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْحُجْرَةِ، فَقَالَ عُرْوَةُ: يَا أُمَّاهُ، يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ. أَلاَ تَسْمَعِينَ مَا يَقُولُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ. قَالَتْ: مَا يَقُولُ؟ قَالَ: يَقُولُ: "إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- اعْتَمَرَ أَرْبَعَ عُمَرَاتٍ إِحْدَاهُنَّ فِي رَجَبٍ". قَالَتْ: "يَرْحَمُ اللَّهُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، مَا اعْتَمَرَ عُمْرَةً إِلاَّ وَهُوَ شَاهِدُهُ، وَمَا اعْتَمَرَ فِي رَجَبٍ قَطُّ".
قوله: "المسجد" يعني مسجد المدينة النبوية.
وقوله: "جالس إلى حجرة عائشة" في رواية مفضل عند أحمد فإذا ابن عمر مستند إلى حجرة عائشة.
وقوله: "فإذا أناس" في رواية الكشميهني، فإذ ناس بغير ألف.
وقوله: "فقال: بدعة"، مرَّ الكلام عليه في باب صلاة الضحى في السفر من أبواب التطوع.
وقوله: "ثم قال له" يعني عروة، وصرح به مسلم في روايته عن إسحاق بن راهويه.
وقوله: قال: أربع كذا للأكثر ولأبي ذر، قال: أربعًا أي: اعتمر أربعًا قال ابن مالك: الأكثر في جواب الاستفهام مطابقة اللفظ والمعنى، وقد يكتفى بالمعنى فمن الأول قوله تعالى: {قَالَ هِيَ عَصَايَ} في جواب: {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَامُوسَى}. ومن الثاني قوله عليه الصلاة والسلام: "أربعين يومًا" جوابًا لقول السائل: كم يلبث في الأرض؟ فاضمر يلبث ونصب به أربعين، ولو قصد تكميل المطابقة لقال: أربعون؛ لأن الاسم المستفهم في موضع الرفع، فظهر بهذا أن النصب والرفع جائزان في مثل قوله: أربع إلا أن النصب أقيس، وأكثر

الصفحة 11