كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 14)

وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} [سورة الأنبياء آية: 35] .
فالنعم غربال يختبر عباده فيها بالشكر، والمصائب غربال ويختبرنا فيها بالصبر، كما قال تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ} شَكُورٍ [سورة إبراهيم آية: 5] {وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ} [سورة المؤمنون آية: 30] .
فمن رزق الشكر عند الرخاء والصبر عند البلاء، فهو عنوان سعادته، ومن صار بالضد، يبغي ويبطر مع الرخاء والنعم، ويسخط ويجزع مع الامتحان والنقم، فهذا عنوان شقاوته، أعاذنا الله وإياكم من غضبه وموجبات غضبه.
والله أنعم علينا وعليكم بالنعم والسعة، والنصر، والظهور، والمدافعة، كما قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [سورة المائدة آية: 11] ولا نقدر نعد ولا نحصى كم كف الله عنا أيدي أعدائنا قديما وحديثا؟ وكل عدو يَنْوِينَا بسوء، ركسه الله على أم رأسه، ولا يبني لنا بناء كيد إلا هدمه الله من أسّه.
وكل جريرة تجر على الإسلام وأهله، تصير عاقبتها خيرا للإسلام وأهله، وعزا وظهورا، وكسرا وخذلانا على من سعى فيها، كما أخبر الله بذلك في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ

الصفحة 39