كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 14)

عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [سورة الأنفال آية: 36-37] .
فإذا جرت هذه الأمور، صار الناس فيها درجات في الخير، ودركات في الشر، فالمؤمنون يقولون كما أخبر الله عن إخوانهم: {وَلَمَّا رَأى الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلاّ إِيمَاناً وَتَسْلِيماً} [سورة الأحزاب آية: 22] والمنافقون قالوا: {مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلاّ غُرُوراً} [سورة الأحزاب آية: 12] وظنوا بالله ظن السوء، قال تعالى: {وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا} [سورة الأحزاب آية: 10] {الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً} [سورة الفتح آية: 6] .
والمصائب ما تقع إلا بالذنوب، وما يعفو الله أكثر كما قال تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [سورة الشورى آية: 30] وأعظم ما تقع المصائب، والقحط، ومنع الغيث، وتسليط العدو، إذا وقع الخلل بما في هذه الورقة، من ترك الطاعات، وارتكاب المحرمات.
ومن أكبر الكبائر بعد الشرك بالله عقوق الوالدين، وصار هذا المنكر العظيم اليوم ما ينكر، ولا يعرف أنه منكر، ولا يعاب فاعله؛ وهذا مما عمت به البلوى، كون المعروف يصير منكرا، والمنكر معروفا، والسنة بدعة والبدعة سنة.

الصفحة 40