كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 14)

والأمير الذي يبغي الإمارة شيخة، ولا يرضى أن غيره يأمر بالحق، وينهى عن الباطل، فذاك نعرف أنه شيخ، ومدور 1 ملك، ما هو يدور دينا وحقا، ولنا فيه أمر ثان.
والذي غرضه الدين يبدل الممشى، ويصنف جماعة الدين، ويقوم حقهم، ويظهر وقارهم، ويجعلهم بطانته وأهل مجلسه ورأيه، ويبعد أرباب الفسوق والمعاصي، ويقوم عليهم بالأدب الذي يزجرهم; ونرى أكثر العيب اليوم حادثا من حاشية الأمراء، حين غفلوا عمن تحت أيديهم، وتركوهم يلعبون بأيديهم وأرجلهم في البلدان.
وأهل الدين أنا مقدمهم، ومطلق أيديهم، ومانع الأمراء لا يمنعون أهل الدين عن القول بالحق والأمر به، ومن وقف في أعين أهل الدين فيحسب على الفسالة 2، لا أمير عامة ولا أمير قرية، ولا قدمنا الأمراء إلا ليقدموا الحق ويقدموا من قام به.
وبلغنا الخبر أن بعض الأمراء متسلط على من يدعي الدين، بأمور ظاهرها حق، وباطنها مغشة وأدب، ولا يفعل هذا أمير مع أهل الدين، فأدعه في الإمارة يوما واحدا، فكل يأخذ حذره، ويبدل الممشى، ومضى ما فيه كفاية.
ونذكركم، قوله تعالى: الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ
__________
1 أي: طالب ومستشرف.
2 أي: الرداءة والخبث.

الصفحة 54