كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 14)

وتبعتها، ولا سبيل لأحد إلى معرفة ذلك، وما يخلص منه إلا من جهة الرسول صلى الله عليه وسلم ومعرفة ما جاء به من الهدى ودين الحق، إجمالا وتفصيلا.
فإنه الواسطة بين العباد وبين ربهم في إبلاغ ما يحبه ويرضاه، ويريده من عباده، ويوجب السعادة والنعيم والفلاح في الدنيا والآخرة، وفي إبلاغ ما يضرهم ويسخط ربهم، ويوجب الشقاوة والعذاب الأليم في الدنيا والآخرة، فكل طريق غير طريقه مسدود على سالكيه، وكل عمل ليس عليه رسمه وتقريره، فهو رد على عامليه.
وقد عرفتم - أرشدكم الله تعالى - أن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم على حين فترة من الرسل، وأهل الأرض قد عمتهم الجهالة، وغلبتهم الضلالة، عربهم وعجمهم، إلا من شاء الله من بقايا أهل الكتاب.
فأول دعوته صلى الله عليه وسلم ورسالته، وقاعدة نبوته: رد الخلق إلى الله، وأمرهم بعبادة الله وحده لا شريك له، وخلع ما سواه من الأنداد والآلهة، والبراءة منهم؛ وهذا هو الذي دلت عليه كلمة الإخلاص، وهو أول دعوة الرسل، وأول الواجبات والفرائض.
ومكث عليه الصلاة والسلام مدة من الدهر، نحو العشر بعد النبوة، يدعو إلى هذا، ويأمر به، وينهى عن الشرك، وينذر عنه، وفرض الفرائض وبقية الأركان بعد ذلك منجما; لأن هذا هو أهم الأمور، وأوجبها على الخلق، كما

الصفحة 63