كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 14)

لزم الإمام أن يبعث السرايا لحربهم.
ولما تعرض الفجاءة السلمي للناس، يأخذ ويقتل، من مسلم وكافر، بعث أبو بكر الصديق جيشا، فظفروا به، فأحرقه بالنار، ويذكر عن حسان أنه قال:
وما الدين إلا أن تقام شريعة ... وتأمن سبل بيننا وشعاب
وكذلك ما حدث من الدفنان للبادية، إذ أخذوا المسلمين، وقتلوا، لما فيه من ترك حقوق المسلمين، في الدماء والأموال، مع القدرة على استيفائه، والقيام بالعدل الذي أمر الله به ورسوله، كما قال تعالى {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً} : [سورة النساء آية: 58] ، فتأمل هذه الموعظة، وما ختمها الله به من هذين الوصفين العظيمين.
وقد قال تعالى {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [سورة النساء آية: 65] ، فالواجب على من نصح نفسه ألا يحكم إلا بحكم الله ورسوله، فإن لم يفعل، وقع في خطر عظيم، من تقديم الآراء والأهواء، على شرعة الله ورسوله، قال العلامة ابن القيم، رحمه الله تعالى:
والله ما خوفي الذنوب فإنها ... لعلى طريق العفو والغفران
لكنما أخشى انسلاخ القلب من ... تحكيم هذا الوحي والقران
ورضىً بآراء الرجال وخرصها ... لا كان ذاك بنعمة الرّحمن

الصفحة 72