كتاب الشرح الممتع على زاد المستقنع (اسم الجزء: 14)

ضربه في غير مقتل، كأن ضربه في طرف، أو على رأسه بسوط، أو عصا صغيرة، فنقول: هذا ليس بعمد بل شبه عمد، ودليله قصة المرأتين من هذيل اللتين اقتتلتا، فرمت إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها، فقضى النبي صلّى الله عليه وسلّم: «أن دية المرأة على العاقلة، وقضى بدية الجنين غرة عبد أو أمة» (¬1) قال أهل العلم: هذا الحديث هو الأصل في إثبات شبه العمد؛ لأن الجناية متعمدة، لكن الآلة التي حصل بها القتل لا تقتل غالباً.

أَوْ لَكَزَهُ، وَنَحْوَهُ (¬2)، وَالخَطَأُ أَنْ يَفْعَلَ مَا لَهُ فِعْلُهُ، مِثْلُ أَنْ يَرْمِيَ مَا يَظُنُّهُ صَيْداً، أَوْ غَرَضاً، أَوْ شَخْصاً، فَيُصِيبَ آدميّاً لَمْ يَقْصِدْهُ، وَعَمْدُ الْصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ.
قوله: «أو لكزه» إذا لكزه في مقتل فإنه عمد؛ لأنه يقتل غالباً، وموسى عليه السلام وكز القبطي فمات، قال تعالى: {فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ} [القصص: 15]، وكان موسى عليه السلام رجلاً شديداً قوياً، لمّا رأى الإسرائيلي يقاتل القبطي، وكزه فقضى عليه، ومات، ولهذا قال: {رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ} [القصص: 33].
والفرق بين العمد وشبه العمد:
أولاً: يشتركان في قصد الجناية، ويختلفان في الآلة التي حصلت الجناية بها.
ثانياً: العمد فيه قصاص، وشبه العمد ليس فيه قصاص.
ثالثاً: دية العمد على القاتل، ودية شبه العمد على العاقلة.
رابعاً: العمد ليس فيه كفارة، وشبه العمد فيه كفارة.
¬__________
(¬1) سبق تخريجه ص (5).
(¬2) قال في الروض: (أو ألقاه في ماء قليل ... إلخ) (7/ 175).

الصفحة 18