كتاب صحيح ابن حبان - محققا (اسم الجزء: 14)

عَلَى أَمْرٍ عَظِيمٍ، أَوْ كَمَا قَالُوا، فَبَيْنَا هُمْ فِي ذَلِكَ، إِذْ طَلَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَقْبَلَ يَمْشِي حَتَّى اسْتَلَمَ الرُّكْنَ، فَمَرَّ بِهِمْ طَائِفًا بِالْبَيْتِ، فَلَمَّا أَنْ مَرَّ بِهِمْ (1) غَمَزُوهُ بِبَعْضِ الْقَوْلِ، قَالَ: وَعَرَفْتُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ، ثُمَّ مَضَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا مَرَّ بِهِمُ الثَّانِيَةَ غَمَزُوهُ بِمِثْلِهَا، فَعَرَفْتُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ، ثُمَّ مَضَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَرَّ بِهِمُ الثَّالِثَةَ، غَمَزُوهُ بِمِثْلِهَا، ثُمَّ قَالَ: «أَتَسْمَعُونَ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ أَمَا وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَقَدْ جِئْتُكُمْ بِالذَّبْحِ» قَالَ: فَأَخَذَتِ الْقَوْمَ كَلِمَتُهُ حَتَّى مَا مِنْهُمْ رَجُلٌ إِلَّا لَكَأَنَّمَا عَلَى رَأْسِهِ طَائِرٌ وَاقِعٌ، حَتَّى إِنَّ أَشَدَّهُمْ فِيهِ وَطْأَةً قَبْلَ ذَلِكَ يَتَوَقَّاهُ (2) بِأَحْسَنِ مَا يُجِيبُ (3) مِنَ الْقَوْلِ (4) ، حَتَّى إِنَّهُ لَيَقُولُ: انْصَرِفْ يَا أَبَا الْقَاسِمِ، انْصَرِفْ رَاشِدًا، فَوَاللَّهِ مَا كُنْتَ جَهُولًا، فَانْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا كَانَ مِنَ الْغَدِ اجْتَمَعُوا فِي الْحِجْرِ وَأَنَا مَعَهُمْ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: ذَكَرْتُمْ مَا بَلَغَ مِنْكُمْ، وَمَا بَلَغَكُمْ عَنْهُ، حَتَّى إِذَا بَادَأَكُمْ بِمَا تَكْرَهُونَ تَرَكْتُمُوهُ، وَبَيْنَا هُمْ فِي ذَلِكَ، إِذْ طَلَعَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَثَبُوا إِلَيْهِ وَثْبَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ، وَأَحَاطُوا بِهِ، يَقُولُونَ لَهُ: أَنْتَ الَّذِي تَقُولُ كَذَا وَكَذَا - لِمَا (5) كَانَ يَبْلُغُهُمْ عَنْهُ مِنْ عَيْبِ آلِهَتِهِمْ وَدِينِهِمْ؟ قَالَ: «نَعَمْ، أَنَا الَّذِي أَقُولُ ذَلِكَ» قَالَ: فَلَقَدْ
__________
(1) في الأصل: "به"، والمثبت من "سيرة ابن إسحاق" وغيرها.
(2) كذا الأصل، وفي "السيرة" وغيرها: "ليرفؤه"، أي: يسكنه ويهدئه.
(3) كذا الأصل، وفي موارد الحديث: "يجد".
(4) تحرفت في الأصل إلى " القوم "، والمثبت من "السيرة" وغيرها.
(5) في الأصل: "فلما"، والمثبت من موارد الحديث.

الصفحة 526