كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 14)
فقه إلى من هو أفقه منه) أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة، وفي رواية: (نضّر اللّه امرأ سمع منا شيئا فبلّغه كما سمعه، فربّ مبلّغ أوعى من سامع)، قال الترمذي حديث حسن صحيح. قال العلّامة القسطلاني:" المعنى أنّ اللّه تعالى خصّه (أي ناقل حديث النبي صلّى اللّه عليه وسلّم) بالبهجة والسرور لأنه سعى في نضارة العلم وتجديد السنّة، فجازاه النبي صلّى اللّه عليه وسلّم في دعائه له بما يناسب حاله من المعاملة". وبالفعل هذا ما نجده في وجوه المحدثين من نضارة ونور يعلو محياهم وحسن سمت يضفي عليهم هيبة ووقارا.
4 - اتباع النبي صلّى اللّه عليه وسلّم الوسائل التربوية في إلقاء الحديث على الصحابة وسلوكه سبيل الحكمة كي يجعلهم أهلا لحمل الأمانة وتبليغ الرسالة من بعده، فكان من شمائله في توجيه الكلام:
أ - أنه لم يكن يسرد الحديث سردا متتابعا بل يتأنّى في إلقاء الكلام ليتمكّن من الذهن، قالت عائشة رضي اللّه عنها فيما أخرجه الترمذي:" ما كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يسرد كسردكم هذا ولكنه كان يتكلم بكلام بيّن فصل يحفظه من جلس إليه".
ب - لم يكن يطيل الحديث بل كان كلامه قصدا، قالت عائشة فيما هو متفق عليه:" كان يحدّث حديثا لو عدّه العادّ لأحصاه".
ج - أنه كثيرا ما يعيد الحديث لتعيه الصدور، روى البخاري وغيره عن أنس فقال:" كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يعيد الكلمة ثلاثا لتعقل عنه".
5 - مواظبة الصحابة على حضور مجالس رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم التي كان يخصصها للتعليم واجتهادهم في التوفيق بين مطالب حياتهم اليومية وبين التفرغ للعلم، فها هو عمر بن الخطاب يتناوب الحضور مع جار له من الأنصار على تلك المجالس، فقال عمر:" كان ينزل صاحبي يوما وأنزل يوما فإذا نزلت جئته بخبر ذلك اليوم من الوحي وغيره وإذا نزل فعل مثل ذلك"، رواه البخاري.
6 - مذاكرة الصحابة فيما بينهم، قال أنس:" كنا نكون عند النبي صلّى اللّه عليه وسلّم فنسمع منه الحديث فإذا قمنا تذاكرناه فيما بيننا حتى نحفظه".
7 - أسلوب الحديث النبوي، فقد أوتي النبي صلّى اللّه عليه وسلّم بلاغة نادرة شغفت بها قلوب العرب وقوة بيان يندر مثلها في البشر ومن هنا سمى القرآن الكريم الحديث" حكمة".
8 - كتابة الحديث وهي من أهم وسائل حفظ المعلومات ونقلها للأجيال. ورد في