كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 14)
ولا تؤذوهم فمن آذاهم فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى اللّه، والذي نفسي بيده لو أنّ أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مدّ أحدهم ولا نصيفه" ... روى ابن شهاب عن قبيصة بن ذؤيب أنّ جدة جاءت إلى أبي بكر تلتمس أن تورّث فقال:" ما أجد لك في كتاب اللّه شيئا وما علمت أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ذكر لك شيئا"، ثم سأل الناس فقام المغيرة فقال:" سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يعطيها السدس" فقال:" هل معك أحد"؟، فشهد محمد ابن مسلمة بمثل ذلك، فأنفذه لها أبو بكر رضي اللّه عنه (أي أعطاها السدس) ... وعن سعيد أنّ أبا موسى رضي اللّه عنه سلّم على عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه من وراء الباب ثلاث مرات فلم يؤذن له فرجع فأرسل عمر في أثره فقال: لم رجعت؟ قال:" سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم يقول (إذا سلّم أحدكم ثلاثا فلم يجب فليرجع)، قال:" لتأتيني على ذلك ببيّنة أو لأفعلنّ بك"، فجاءنا أبو موسى منتقعا لونه ونحن جلوس فقلنا:" ما شأنك"؟ فأخبرنا وقال:" فهل سمع أحد منكم"؟ فقلنا:" نعم كلنا سمعه"، فأرسلوا معه رجلا منهم حتى أتى عمر فأخبره. وقد قال عمر لغير واحد من الصحابة:" أما إني لم أتهمك ولكنني أحببت أن أتثبّت".
نقد الروايات: وذلك بعرضها على نصوص وقواعد الدين، فإن وجد مخالفا لشيء منها ردوه وتركوا العمل به. هذا هو الخليفة عمر فيما أخرج مسلم عنه: أفتى عمر ابن الخطاب بأنّ المبتوتة (التي طلقها زوجها ثلاثا) لها النفقة ولها السكنى ولمّا بلغه حديث فاطمة بنت قيس أنّ زوجها طلقها ثلاثا فلم يجعل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لها سكنى ولا نفقة، قال:" لا نترك كتاب اللّه وسنّة نبينا لقول امرأة لعلها حفظت أو نسيت، قال اللّه عز وجل: لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ ولا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَاتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ، [الطلاق: 1].
ولا بد من الإشارة إلى أنه لم يكن هناك حاجة إلى جرح وتعديل أي البحث والتدقيق عن عدالة وصدق الراوي لأنّ الصحابة كلهم عدول وذلك بنص القرآن، قال تعالى: والسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ والْأَنْصارِ والَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ورَضُوا عَنْهُ، [التوبة: 100]. أما المنافقون فكانوا كما قال عنهم العلماء أحقر من أن يحملوا علما أو يؤخذ عنهم العلم!!!.