كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 14)
سؤال: هل وقع الخلاف في الاجتهاد في أحكام الشريعة الإسلامية ومتى وقع ولما ذا؟
الجواب: أمّا في عصر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فالخلاف لم يقع ولا سبيل أصلا للخلاف ما دام رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حي يمكن الرجوع إليه في أي أمر. وبعد وفاته عليه الصلاة والسلام، بدأ الخلاف الاجتهادي يظهر في بعض المسائل الفرعية التي لا تتعارض مع أصول الدين للأسباب التالية:
أولا: تفاوت الصحابة في رواية الحديث عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كل حسب وضعه ومقدار تفرغه وملازمته له. ونتيجة لذلك كان إذا وقعت مشكلة، تساءل الصحابة عن حكمها، والذي لم يسمع من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في هذا الأمر شيئا، يفتي بظاهر القرآن. أما الذي حفظ وروى عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قدرا أكبرا فهو يذكر أنّ هذا الموضوع قد أوضح النبي عليه الصلاة والسلام حكمه، فهو يختلف في فتواه عن الأول الذي لم يسمع والقاعدة تقول: من حفظ حجة على من لم يحفظ. من هنا كان لا بد أن يقع الاختلاف في الفتاوى بين أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم. فكانت إذا عرضت على أبي بكر أو عمر حادثة جديدة ولم يسمع من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فيها شيئا، جمع الصحابة وقال:" أنشدكم اللّه رجلا سمع من فم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فتوى في هذه القضية". وكان من عادة عمر رضي اللّه عنه إذا سئل في موضوع أن يبحث عنه في كتاب اللّه ثم السنّة فإن لم يكن قد سمع في المسألة شيئا نادى في الناس:" من سمع عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم في هذه المسألة شيئا"؟، فإن لم يجبه أحد قال:" هل قضى أبو بكر في هذا الموضوع من قبلي شيئا"؟ فإن قال له قائل إنّ أبا بكر قد سئل وقضى في هذا الأمر بكذا، قضى عمر بمثل ما قضى به أبو بكر رضي اللّه عنهما وإلا اجتهد عمر.
مثال: دية الأصابع، رجل قطعت إصبعه، الخنصر أو البنصر أو السبابة أو الوسطى، ما هو القدر الذي ينبغي أن يؤخذ من الجاني كدية لهذا الإنسان؟ فكر عمر ابن الخطاب رضي اللّه عنه في الموضوع وهو لا يذكر في هذا حديثا عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فأراد أن يجتهد في الأمر، وأراد أن يجعل دية كل إصبع على حسب فائدة تلك الإصبع، ولكنه تريّث وأخذ يسأل أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فجاء من أخبره أنّ النبي عليه الصلاة والسلام قضى بأنّ في كل إصبع عشرا من الإبل متساوية يعني في قطع