كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 14)

صداق لها". سبب هذا الخلاف أنّ هذه المسألة ليس فيها نص واضح صريح من كتاب اللّه تعالى، كل ما في الأمر قوله تعالى: لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً، [البقرة: 236].
يقول سيدنا علي رضي اللّه عنه:" أ رأيت لو أنّ زوجها لم يمت ولكن طلق، ليس لها شيء بنص كلام اللّه عز وجل". فسيدنا علي قاس وفاة الزوج على طلاقه لها. قال ابن مسعود:" الرجل الذي يطلق، يطلق بقصد الاختيار ويترتب على ذلك أشياء كثيرة، لكن مات الزوج وحبل الزوجية موجود، ولا يسبب الموت انقطاع الزوجية عند جمهور العلماء، فالموت لا يقاس على الطلاق لأن الطلاق عمل اختياري والموت أمر قصري".
مسألة أخرى: المرأة التي توفي عنها زوجها وهي حامل، ما عدتها؟
سيدنا عمر رضي اللّه عنه قال: عدتها وضع حملها. وقال سيدنا علي وابن عباس رضي اللّه عنهم: عدتها بأبعد الأجلين، أي أيهما كان أبعد وضع حملها أم مضي أربعة أشهر وعشرا تأخذ به. قال جمهور الفقهاء أنّ عدة المرأة تنتهي بوضع حملها والقول بأبعد الأجلين مرجوح، ودليل ذلك ما أخرجه البخاري ومسلم عن سبيعة بنت الحارث الأسلمية أنها كانت تحت سعد بن خولة وهو ممن شهد بدرا فتوفي عنها في حجة الوداع وهي حامل، فلم تلبث أن وضعت حملها بعد وفاة زوجها، فلما طهرت من دم النفاس تجمّلت للخطّاب، فدخل عليها أبو السنابل بن بعكك فقال لها:" ما لي أراك متجمّلة، لعلك ترجين النكاح؟ واللّه ما أنت بناكح حتى يمر عليك أربعة أشهر وعشرا"! قالت سبيعة:" فلما قال لي ذلك جمعت عليّ ثيابي حين أمسيت، فأتيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فسألته عن ذلك، فأفتاني بأني قد حللت حين وضعت حملي وأمرني بالتزوج إن بدا لي". وقد روي أنّ ابن عباس رجع إلى حديث سبيعة لما احتجّ به عليه.
أبرز من كانت إليهم الفتيا في عصر الصحابة: الخلفاء الراشدون وسيدنا عبد اللّه بن مسعود وزيد بن ثابت وعبد اللّه بن عباس وعبد اللّه بن عوف وعبد اللّه بن عمر وهؤلاء التسعة كانوا في ذلك العصر بمثابة الأئمة الأربعة في عصرنا.
أسئلة وأجوبة:
سؤال: لما ذا انحصرت الفتيا ببعض الصحابة ولم يفتوا كلهم؟.

الصفحة 117