كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 14)

وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وفِي الرِّقابِ والْغارِمِينَ وفِي سَبِيلِ اللَّهِ وابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ واللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (60)، (التوبة: 60) .. عطّل عمر سهم المؤلفة قلوبهم لما في ذلك من فهم ومراعاة لواقع المسلمين ومصلحتهم.
2 - يقول اللّه تعالى: والسَّارِقُ والسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما، [المائدة: 38]، سرق بعض الناس في عام المجاعة متاعا فلم يقم عليهم عمر الحد.
3 - قضى عمر بأنّ الرجل الذي قال لزوجته أنت طالق ثلاثا بكلمة واحدة، تطلق ثلاثا، وهذا مخالف لقوله تعالى: الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ ... ، (البقرة: من الآية 229)، ومخالف لحديث النبي صلّى اللّه عليه وسلّم الصحيح الذي رواه مسلم عن ابن عباس رضي اللّه عنهما:" كان الطلاق على عهد النبي صلّى اللّه عليه وسلّم، طلاق الثلاث واحدا، وكان ذلك في خلافة أبي بكر وصدرا من خلافة عمر، فقال عمر لقد استعجل الناس في أمر كانت لهم فيه أناة فمن استعجل أناة اللّه ألزمناه به. فطلاق الثلاثة بكلمة واحدة يعتبر ثلاث طلقات. ويضيف أحمد أمين فيقول، إنّ عمر في كل ذلك إنما كان عبقريا وذكيا لأنه لم يتمسك بحرفية النص وإنما رأى المصلحة وجرى وراءها وإن خالفت النص وهذا هو المطلوب كما يزعم أحمد أمين. فهل كان من بين الصحابة من كان يتجاوز حرفيّة النصوص ويأخذ بروح النص كما يقول بعض الناس اليوم، ويأخذ بالمصالح التي تعتمد عليها النصوص، بمعنى آخر هل كان الصحابة أصحاب نزعة تحررية؟.
الجواب: كلام أحمد أمين المضلل قد يدفعنا بناء لما تقدم إلى القول بأنّ الربا حلال والمتاجرة بالخمر والسّلم مع اليهود كذلك!، وأما القول أن المصلحة قد تكون في مخالفة النص من كتاب اللّه تعالى، فهذا كفر والعياذ باللّه تعالى، لأنه من أعلم بمصلحة الناس من رب الناس، من خالق الناس الذي يعلم سرهم ونجواهم ويعلم ما كان وما سيكون وما لم يكن ولو كان كيف يكون. والحقيقة أنه ما وجد قط إنسان أكثر حيطة في التمسك بالنص وحرفيته من عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه. فقد مر معنا من خلال الأمثلة التي ذكرناها سابقا في هذا البحث كيف كان ينادي بالناس هل منكم من سمع من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم شيئا في هذا؟!! .. لكن من الذي يستطيع أن يطبق النص؟ إنّ أقدر الناس على

الصفحة 119