كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 14)

الخلقية، والأحكام العملية. وهذه الأنواع الثلاثة تشمل جميع أنواع تنظيم العلاقات من عبادات وحقوق وواجبات وأخلاق وتعاملات وأقوال وأفعال وتصرفات بين الإنسان وربه، نفسه، أهله، جنسه، بيئته في الأرض والكون، وكل ما يحفظ حقوق الجميع بما يحفظ لكل ذي حق حقه، وما ينجي الكائن البشري في دنياه وآخرته. فحدد الإسلام العبادات التي يتقرب بها الإنسان من ربه عز وجلّ من صلاة وصيام وزكاة وحج، وتناول أحكام المعاملات بين الناس، فنظم العقود وحدد أحكامها كعقد الإيجار والرهن وما إلى ذلك، وتناول أحكام ومسائل الأحوال الشخصية وشئون الزواج وتنظيم شئون الأسرة والعلاقات الأسرية وحقوق كل فرد فيها، وأوضح السبل والإجراءات القضائية في المحاكم وطرق الإثبات، وبين مركز الحاكم بين المتقاضين، وحدد أحكام النظام الإداري والدستوري في الدولة، وبين السبل لاختيار رئيس الدولة وحقوقه تجاه الرعية وواجباته نحوها، كما نظم القانون الدولي وعلاقات الدول ببعضها في الحرب والسلم. وكل ذلك نظم تنظيما دقيقا بقواعد قانونية رصينة لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها لأنها من لدن حكيم عليم بشئون البشر وسائر الكون، صِبْغَةَ اللَّهِ ومَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً ونَحْنُ لَهُ عابِدُونَ (138)، (البقرة: 138) «1».
وحيث أن الأحكام الشرعية الإسلامية التي نسخت ما قبلها تعهد اللّه بحفظها من أي تحريف أو تلاعب بشري قد يصيبها، فإنها خالدة باقية دائمة حتى يرث اللّه الأرض ومن عليها.
إذا ما تدبرنا آيات اللّه الخالدات من وجهة نظر تشريعية قانونية واجتماعية واقتصادية، فما ذا نرى؟:
- المسلم الغني مستخلف في مال اللّه وملكه، والثروة أمانة في عنق حاملها يسأل عنها يوم القيامة، من أين جمعها وفيم أنفقها.
- الكسب الحلال يؤدي إلى أسرة كريمة طيبة، والكسب الحرام يترك أثره في الجوارح والسلوك ليكون أسرة فاسدة مفسدة كالطفيليات والمكروبات المدمرة.
- توزيع عادل للثروات بحيث لا يبقى فقير أو محتاج، وهذا ما حققه الخليفة
______________________________
(1) الشريعة الإسلامية ومكانة المصلحة فيها، القاضي فاضل دولان، ص 37 - 41، بتصرف.

الصفحة 12