كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 14)
تطبيق النص، أفهمهم للنص وأعرفهم وأعلمهم للقواعد العربية وأصول الدلالات في منطوق النص ومفهومه الموافق ومفهومه المخالف ودلالة الخطاب وفحواه. وعمر كان من أعلم الناس بقواعد تفسير النصوص، وتعالوا ننظر معا ما ذا فعل عمر؟.
بالنسبة لقوله تعالى:* إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ والْمَساكِينِ والْعامِلِينَ عَلَيْها والْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وفِي الرِّقابِ والْغارِمِينَ وفِي سَبِيلِ اللَّهِ وابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ واللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (60)، (التوبة: 60) .. هناك في اللغة العربية اسم موصول للفقراء أي للذين يتصفون بالفقر، للمساكين أي للذين يتصفون بالمسكنة، للعاملين عليها أي للذين يقومون بجباية الزكاة، للمؤلفة قلوبهم أي للذين تشعرون بالحاجة إلى أن تؤلفوا قلوبهم ... الفقراء، إن زال الفقر عنهم لن يعودوا أهلا لأخذ الزكاة، ومناط وجوب إعطاء الزكاة للمؤلفة قلوبهم أن يشعر المسلمون أنهم بحاجة إلى تأليف قلوب من وفدوا إلى الإسلام من جديد. إذا مناط الحكم أن ننظر إلى واقعنا، فإذا كان هذا الواقع عزيز قوي وكان من دخل في الإسلام، وحده يعزه ويغنيه ويحميه، إذا وجدنا أنّ الأمر كذلك فإنّ مناط دفع الزكاة إليهم ارتفع. أما إن كان الإسلام في ضعف فيكون حكم إعطاء الزكاة للمؤلفة قلوبهم عندئذ ساريا، وقد كان الإسلام في عهد عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه عزيزا لا بل في أعزّ أحواله.
بالنسبة للمسألة الثانية، وهي أنّ رجلا سرق في عام المجاعة وكان أجيرا وعلم عمر أنّهم كانوا يبخسون حقه فقال لهم:" واللّه لو لا أني أعلم أنكم تظلمونه ولا تعطونه حقه لقطعت يده"، والآن عام مجاعة، فجمعا بين النصوص التالية: قوله تعالى: والسَّارِقُ والسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما ... ، (المائدة: من الآية 38)، وقوله صلّى اللّه عليه وسلّم: (ادرءوا الحدود بالشبهات ما استطعتم فإنّ الحاكم لأن يخطئ في العفو خيرا من أن يخطئ في العقوبة)، وهذا قانون عام في القضاء وبدلا من العقوبة يعزّر القاضي المذنب ويعاقبه ولكن لا يقطع يده. إذا عمر عمل بالنص ولكنه علم بالحديث الذي خصص الآية وقضى بموجبه وليس كما زعم الجاهل بأنه ترك النص وتبع المصلحة التي رآها مناسبة وفي ذلك دليل على أنّ الحديث يبين ويشرح كلام اللّه تعالى الذي قال في كتابه العزيز:
وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ، [النحل: 44]. هذا من جهة ومن