كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 14)
جهة أخرى، فإنّ للسرقة نصابا حتى تقطع يد السارق فإن سرق شيئا قيمته دون النصاب يعزّر ولا تقطع يده. والمبلغ الذي سرقه الرجل ربما ليس بذاك المبلغ الكبير أو احتمال أن يكون سرقه ليسد ضرورة والضرورات تبيح المحظورات.
وينبغي قبل أن نطبق هذه القاعدة أن نعلم ما معنى الضرورة وما الفارق بين الضرورات والحاجيات والتحسينيات؟. وقد بيناها في بداية الفصل الأول من الكتاب.
وأما المسألة الثالثة، فقوله تعالى: الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ ... ، (البقرة: من الآية 229)، لا علاقة له بالموضوع الذي أفتى به عمر، وإنما هي بيان للطلاق وأنه ينبغي أن يفرق بين الطلقة والأخرى وإلا كان آثما، أي من طلق زوجته ثلاثا في مجلس واحد كان آثما. أما من لم يتق اللّه تعالى وارتكب المحرّم فقال لزوجته أنت طالق بالثلاث فهذا لن يجعل اللّه تعالى له مخرجا لأن اللّه تعالى قال:
وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً (2)، وهذا لم يتق اللّه تعالى، وارتكب الحرام وطلق زوجته ثلاثا بمجلس واحد، لم يجعل اللّه له مخرجا. فإذا القرآن يقضي بأن من طلق زوجته ثلاثا في مجلس واحد فهو ثلاث وهناك أحاديث صحيحة كثيرة نصّت على أنّ الرجل إن طلق ثلاثا في مجلس واحد فهو ثلاث ولكنه طلاق بدعي مكروه، ومن ذلك حديث رواه الشيخان عن عويمر العجلاني رضي اللّه عنه وقد اتهم زوجته بالزنا، وجاء إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فدله على الملاعنة التي أنزلها اللّه تعالى في محكم كتابه. ولكنه لم يكن يعرف أنّ نتيجة الملاعنة التفريق الأبدي، وعند ما علم ذلك جلس أمام ركبتي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وقال:" يا رسول اللّه كذبت عليها إن أمسكتها هي طالق ثلاثا". فإذا عويمر العجلاني طلق زوجته في مجلس رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ثلاثا بكلمة واحدة، ولو لا أنّ هذا كان جاريا في عصر النبوة لما قال ذلك.
وحديث فاطمة التي قالت لسيدنا عمر طلقني زوجي البتة فلم يجعل لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم نفقة ولا سكنى، كلمة البتة كناية عن ثلاث طلقات وفي ذلك دليل أنّ النبي عليه الصلاة والسلام أفتى أنه طلقها ثلاثا.
أيضا ما رواه الشافعي والترمذي والنسائي وكثيرون عن ركانة رضي اللّه عنه أنه طلق زوجته قائلا أنت طالق البتة، وجاء إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم نادما فقال له رسول اللّه