كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 14)

من هنا كان لا بد من صحوة المسلمين لمجابهة هذا الخطر، فمنعوا رواية الحديث وحصروها فيمن كانوا أهلا لذلك. وبدأ تدوين السنّة بأمر من عمر بن عبد العزيز، ففي عام 99 هجرية كان أبو بكر بن حزم أول من دوّن أحاديث النبي صلّى اللّه عليه وسلّم وجمعها بين دفتي كتاب ومن ثم تبعه الكثيرون كسفيان بن عيينة وغيره. وباشر العلماء أيضا بتدوين العلوم الكفيلة بحفظ الرواية كعلم الجرح والتعديل، ووضع شروط الرواية وشروط الحديث الصحيح والحسن والضعيف والمرسل والموقوف ... وفي ما يلي نورد بعض التعاريف المهمة المتعلقة بعلم مصطلح الحديث:
نبذة عامة بمصطلح الحديث:
لقد تواترت الأحاديث عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم كما نعلم، في وجوب الأخذ بهديه في كل شيء من الأمور، ومن ذلك قوله صلّى اللّه عليه وسلّم:" عليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة" ... والنبي صلّى اللّه عليه وسلّم قد حض على اتباع سنته لما فيها من مضاعفة الأجر:
قال صلّى اللّه عليه وسلّم:" من أحيى سنة من سنتي قد أميتت بعدي كان له من الأجر مثل من عمل بها من غير أن ينقص من أجورهم شيئا"، أخرجه الترمذي. وعنه صلّى اللّه عليه وسلّم قال:
" المتمسك بسنتي عند فساد أمتي له أجر مائة شهيد"، أخرجه الطبراني في الأوسط والبيهقي في الزهد.
لذلك عنيت الأمة الإسلامية بالحديث النبوي، وبذلت من أجله أعظم الجهد. فقد نقل لنا الرواة أقوال الرسول عليه الصلاة والسلام في الشئون كلها العظيمة واليسيرة، بل الجزئيات التي قد يتوهم أنها ليست موضع اهتمام، حتى يدرك من يتتبع كتب السنة أنها ما تركت شيئا صدر عنه صلّى اللّه عليه وسلّم إلا روته ونقلته. ولقد علم الصحابة بقيادة الخلفاء أنهم خرجوا هداة لا جباة، فأقام الكثير من الصحابة الفاتحين في أصقاع متفرقة ينشرون العلم ويبلّغون الحديث.
ونجد هذا الحرص، يسري من الصحابة إلى التابعين فمن بعدهم ... من هنا تقرر للناظر حقيقة لها أهميتها، وهي أن الصحابة رضوان اللّه عليهم أجمعين يرجع إليهم الفضل في بدء علم الرواية للحديث، ذلك لأن الحديث النبوي في حياة المصطفى كان

الصفحة 126