كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 14)
علما يسمع ويتلقّف منه صلّى اللّه عليه وسلّم - كما مر معنا - فلما لحق صلّى اللّه عليه وسلّم بالرفيق الأعلى، حدّث عنه الصحابة بما وعته صدورهم الحافظة ورووه للناس بغاية الحرص والعناية، فصار علما يروى وينقل، ووجد بذلك علم الحديث رواية حيث وضع الصحابة له قوانين تحقق ضبط الحديث، وتميز المقبول من غير المقبول ومن هنا نشأ علم مصطلح الحديث.
تعريف الحديث:
هو" ما أضيف إلى النبي صلّى اللّه عليه وسلّم من قول أو فعل أو تقرير أو وصف خلقي أو خلقي ... ومعنى علم الحديث كتعبير لغوي إدراك الحديث، ولكنه استعمل عند العلماء كاصطلاح يطلقونه بإطلاقين:
أحدهما: علم الحديث رواية أو رواية الحديث.
والثاني: علم الحديث دراية أو علم دراية الحديث.
علم الحديث رواية:" هو علم يشتمل على أقوال النبي صلّى اللّه عليه وسلّم وأفعاله وتقريراته وصفاته وروايتها وضبطها وتحرير ألفاظها". فهو علم موضوعه ما أضيف إلى النبي صلّى اللّه عليه وسلّم، ويبحث عن روايتها وضبطها ودراسة أسانيدها ومعرفة حال كل حديث، من حيث القوة والضعف. كما يبحث في هذا العلم عن معنى الحديث وما يستنبط منه من الفوائد.
باختصار، فعلم الحديث رواية يحقق بذلك غاية عظيمة جدا تقوم على" الصون عن الخلل في نقل الحديث".
علم الحديث دراية: ويطلق عليه" مصطلح الحديث"، وهو:" علم بقوانين يعرف بها أحوال السند والمتن".
والسند هو حكاية رجال الحديث الذين رووه واحدا عن واحد إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
وأحوال السند: هي ما يطرأ عليه من اتصال، أو انقطاع، أو تساهل بعض رجاله في السماع، أو سوء الحفظ، أو اتهامه بالفسق أو الكذب أو غير ذلك.
وأما المتن: فهو ما ينتهي إليه السند من الكلام. وأحوال المتن، هي ما يطرأ عليه من رفع، أو وقف، أو شذوذ أو علة، أو غير ذلك. فعلم المصطلح يضبط رواية الحديث ويحفظ الحديث النبوي من الخلط فيه أو الافتراء عليه، ولو لا هذا العلم لاختلط الحديث الصحيح بالضعيف والموضوع ولاختلط كلام رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بكلام غيره!. ويعتبر القرن الثالث الهجري عصر التدوين الذهبي للسنّة، وفيه أصبح كل نوع من أنواع الحديث علما خاصا، فأفرد العلماء كل نوع منها بتأليف خاص. ولقد توالت سلسلة الجهود