كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 14)
تحت يد أبي حنيفة. وكان المقصود حمل أبي حنيفة على الولاء له قسرا وقهرا أو إغراء بالإكثار من المسئوليات والمهمات، فامتنع أبو حنيفة وقال لو أرادني أن أعد له أبواب مساجد واسط لما فعلت! ... وقد سجن أبو حنيفة وضرب ضربا مبرحا مؤلما أياما متتالية حتى سقط فاقد الوعي.
منهج أبي حنيفة العلمي:
كان يقول: آخذ ما في كتاب اللّه وبما صحّ عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وربما اشترط زيادة عن الصحة الشهرة فيما تقتضيه الشهرة في الأحكام والمسائل، فإن لم أجد آخذ بقول الصحابة، آخذ بقول من شئت منهم وأدع قول من شئت منهم عند ما يختلفون ولكني ألزم نفسي بالأخذ من الصحابة وإذا لم أجد وآل الأمر إلى إبراهيم النخعي وإلى التابعين كالأوزاعي، فإني أجتهد كما اجتهدوا ولا ألزم نفسي باتّباع رأي واحد منهم ما دام الأمر اجتهاديا. وكان يأخذ بحديث الآحاد ويعمل بها ما أمكن.
مثال: قوله تعالى: فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ، [المزمل: 20] وحديث النبي عليه الصلاة والسلام يقول:" لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب"، متفق عليه، فحكم أنّ أصل قراءة القرآن في الصلاة ركن، أمّا تقسيم القراءة للقرآن الكريم إلى الفاتحة وبعض ما تيسر من القرآن فواجب وبذلك عمل بالقرآن والسنة معا.
وكذلك الطمأنينة في الركوع ليست فرضا عند أبي حنيفة لإطلاق قوله تعالى:
ارْكَعُوا، أمّا الطمأنينة فثابتة بخبر الآحاد لذلك هي عنده واجبة.
ومن منهجه أنه يقدّم السنّة القولية على الفعلية لجواز أن يكون الفعل خصوصية للنبي صلّى اللّه عليه وسلّم.
ويقدّم السنّة المتواترة على خبر الآحاد عند التعارض وعدم إمكان الجمع بينهما، كالجمع في السفر حيث قال أنه جمع صوري وهكذا كان يفعل عبد اللّه بن عمر. أبو حنيفة لا يجيز للمسافر أن يجمع بين الصلوات ولكن القصر عنده واجب.
ويقدّم السنّة ولو حديثا مرسلا أو ضعيفا على القياس، لذلك قال بنقض الوضوء من الدم السائل معتمدا على حديث مرسل، وكذلك نقض وضوء وبطلان الصلاة بالقهقهة أيضا بحديث مرسل.
ومن منهجه أيضا الاستحسان: والاستحسان لغة هو وجود الشيء حسنا ومعناه