كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 14)
أما سبب انتشار مذهب أبي حنيفة واتّباع الناس له بخلاف مذهب معاصريه أمثال الأوزاعي وعطاء بن أبي رباح وإبراهيم النخعي وهم شيوخ أبي حنيفة وذلك لعدة عوامل نذكر منها ما يلي:
1 - أخذ أبو حنيفة عن أربعة آلاف شيخ من التابعين وأفتى في زمن التابعين.
2 - قيّض اللّه تعالى لأبي حنيفة تلاميذ كانوا في الوقت نفسه فطاحل من العلماء وقد دوّنوا آراءه وفتاويه واجتهاداته بخلاف باقي الأئمة في عصره. فأبو يوسف دوّن فقه أبي حنيفة في الكتب وكذا فعل محمد بن الحسن الذي دوّن كل فقهه والاجتهادات الأخرى حتى التي تراجع عنها، وهناك كتب تسمّى كتب" ظاهر الرواية" كلها للإمام محمد. وقام كلّ من أبي يوسف ومحمد بجمع الأحاديث التي يرويها الإمام في فتاويه كمستندات لفقهه مثل كتاب الآثار وكتب أخرى وأحاديث كثيرة موزّعة في هذه المدونات. ولقد كانت طريقة أبي حنيفة بالتعليم مبنية على السؤال والإقناع برأي ثم قوله ولكني أرى غير هذا ويعلم أصحابه الفتوى وطريقة التفكير.
وأبو حنيفة هو أول من من رتب مسائل الفقه حسب أبوابها من طهارة وصلاة ...
دوّنها الإمام أبو يوسف - في غالب الأحيان - في سجلات حتى بلغت مسائله المدونة خمسمائة ألف مسالة. انتقل تلامذته الفحول البالغون 730 شيخا إلى بلادهم خاصة بلاد الأفغان وبخارى والهند ... فشرّق فقه الإمام أبي حنيفة وغرّب وشمأل وجنّب حتى ليعد علي بن سلطان القاري المتوفى سنة 1014 هجري ثلثي المسلمين في العالم على مذهب الإمام أبي حنيفة.
3 - إنّ اللّه تعالى شاء أن يكون أبو يوسف قاضيا وأن يتولى القضاء لثلاث من الخلفاء المهدي والهادي وهارون الرشيد وسمّي بعد ذلك قاضي القضاة وكان وهو حنفي يقضي بمذهب أبي حنيفة وكذلك كان أغلب القضاة الذين كان ينصّبهم والمدونات التي كانت تدوّن في دار الخلافة كانت تدوّن على مذهب أبي حنيفة، كل هذا وغيره جعل فقه الإمام أبي حنيفة ينتشر أكثر من فقه من سبقه أمثال الأوزاعي وجعفر الصادق وغيرهم ....
أهم مؤلفاته:
تميّز عصر أبي حنيفة بوجود الفرق المبتدعة المختلفة مثل: الشيعة والمعتزلة والمرجئة والقدرية والجهمية أو المعطلة ... هذه الفرق كلها كانت أشبه ما تكون بالحاشية على الجسم الكبير كحاشية في أطراف جسم المجتمع الإسلامي، فكانت هذه