كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 14)
الفرق مع قلة أتباعها يبثّون الشّبه وتسمّت كل فرقة باسم، فقام علماء المسلمين يردون على هؤلاء المبتدعة. وكان لا بد من أن يسمّوا أنفسهم باسم حتى يتبين قول هؤلاء المبتدعة من قول عامة المسلمين، فسمّوا عامة المسلمين أهل السنّة والجماعة وهي ما كان عليه صلّى اللّه عليه وسلّم والصحابة والتابعين وهم السواد الأعظم من الأمّة. وبظهور الأئمة الأربعة، اشرأبّت أعناق الناس إليهم يأخذون من فقههم وينهلون من علومهم وكانت لهم عبقرية نادرة في الاستنباط مما دعا الناس إلى الإقبال عليهم والأخذ منهم، فجمع هؤلاء الأئمة الناس على منهج أهل السنّة والجماعة فيما يتعلق بالعقيدة وحذّروا الناس من البدع ودافعوا عن الإسلام دفاعا قويا. وألّف أبو حنيفة كتاب" الفقه الأكبر" بيّن فيه عقيدة المسلمين ورد فيه على المبتدعة ... ونقل أنّ له مسندا ولكن المحقق أنّ هذا المسند من جمع أبي يوسف عن أبي حنيفة سماه:" الآثار" ..
أقوال معاصريه فيه:
- الفضيل بن عياض قال فيه: كان أبو حنيفة رجلا فقيها معروفا بالفقه، واسع المال معروفا بالإفضال على كل من يطوف به، صبورا على تعلّم العلم بالليل والنهار، حسن الليل، يقوم الليل (وهذا شيء معروف عنه)، كثير الصمت، قليل الكلام حتى يرد مسألة في حلال أو حرام.
- عبد اللّه بن المبارك العالم الكبير والتابعي الجليل يقول: كان أبو حنيفة مخ علم أو مخ العلم أي كنت تأخذ منه لباب العلم.
- مالك بن أنس قال عنه: لو جاء إلى أساطينكم فقايسكم على أنها خشب لظننتم إنها خشب.
- الإمام زفر قال: جالست أبا حنيفة أكثر من عشرين سنة فلم أر أحدا أنصح للناس منه ولا أشفق عليهم منه، كان بذل نفسه للّه تعالى، أمّا عامة النهار فهو مشتغل في العلم وفي المسائل وتعليمها وفيما يسأل من النوازل وجواباتها وإذا قام من المجلس عاد مريضا (أي زار) أو شيّع جنازة أو واسى فقيرا أو وصل أخا أو سعى في حاجة، فإذا كان الليل خلى للعبادة والصلاة وقراءة القرآن، فكان هذا سبيله حتى توفي رضي اللّه تعالى عنه.
- أجمع علماء عصره على أنه لم يجتمع لأحد غيره في ذلك العصر ذكاء وقوة بادرة وعلم وقوة استنتاج.