كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 14)

صحيح. ويقول إذا ذكر العلماء فمالك هو النجم فيهم.
أهم مؤلفاته: الموطأ:
طلب المنصور من مالك أن يضع كتابا يتضمّن أحاديث رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وأقضية الصحابة وفتاوى ليكون قانونا تطبّقه الدولة في كل أقطارها وديارها.
تردد مالك ثم ألحّ عليه المنصور فقبل. وراح مالك يعمل عملا متقنا جدا خلال سنين عدة راح خلالها طائفة من العلماء يعملون ويحاولون أن ينافسوا مالكا طمعا في كسب رضا الخليفة. وكان أصحاب مالك يأتونه ويقولون له بأنّ تأخره في الإنجاز قد أتاح للآخرين أن يسبقوه فقال مالك:" لا يرتفع إلا ما أريد به وجه اللّه تعالى"، ولقد كتب كثير من معاصريه كتبا كالموطإ وقدّمت إلى الخليفة، وكلما سئل مالك أن يستعجل كتابه فقد سبقه الناس كان يقول:" ما كان للّه يبقى"، حقيقة هكذا كان. وظلّ الإمام مالك عاكفا على عمله الضخم سنوات توفي خلالها المنصور حتى كان تمام العمل في زمن هارون الرشيد الذي تقبّله بقبول حسن وتقدير عظيم وأراد أن يعلّق الموطأ في الكعبة ولكن مالكا أبى ذلك. ويعتبر اليوم كتاب الموطأ من أهم كتب السنّة ويكاد لا تخلو منه مكتبة إسلامية، أما تلك الكتب التي كتبها منافسوه فلم يبق لها أثر وكما يقول العلماء لو لا هذه الحادثة مع الإمام مالك لما علمنا أصلا أنه ألّفت هكذا كتب، فتأمل يرحمنا اللّه وإياك ولنتّعظ من هذا ولنتيقن إن كل عمل لا يبتغى به وجه اللّه تعالى لا يبقى، كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ، [القصص: 88]، قيل في تفسير هذه الآية، كل شيء هالك إلا ما أبتغي به وجه اللّه تعالى.
منهجه العلمي:
الإمام مالك شأنه كشأن الإمام أبي حنيفة لم يدوّن منهجا ولكن هذه القواعد أخذت وجمّعت من خلال عباراته في كتبه وفي مقدمة ذلك الموطأ فمن خلال كلامه نجد أنه يأخذ بالحديث المرسل وهو الحديث الذي رواه التابعي رأسا عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إن كان هذا التابعي ثقة.
أصوله الاجتهادية:
أولا: إذا وجد في القرآن نصا بعبارة صريحة قاطعة واضحة على مبدأ أو حكم ثم وجد حديثا مرويا عن طريق الآحاد يعارض هذا الخبر فإنّ مالك يأخذ بصريح القرآن ويدع الآحاد ... قال مالك وهو يفسر قوله تعالى: قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى

الصفحة 153