كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 14)
سواه كمذهب الأوزاعي أو سفيان الثوري، تقييض اللّه سبحانه وتعالى لمالك تلاميذ كثر من مختلف الأصقاع فمن مصر كان الليث بن سعد ومن المغرب ومن العراق ومن الشام ومن اليمن، كلهم تتلمذوا على الإمام مالك وهم الذين قاموا بنشر مذهبه حتى وصلنا بالتواتر بحيث يستطيع الإنسان أن يجزم أنه عند ما يقرأ الموطأ أو المدونة برواية سحنون أو غيره من تلامذة مالك يستطيع أن يجزم أنه يتبع إماما راسخا في العلم يبرأ ذمته عند اللّه باتباعه والحمد للّه. وهكذا انتشر مذهبه في المغرب وفي مصر وفي صعيد مصر وفي اليمن وفي أنحاء مختلفة متفرقة حتى أنّ فرنسا حين استعمرت أقسام كثيرة من المغرب مدة طويلة، اطّلع علماء القانون الفرنسيون على الفقه الإسلامي لا سيما مذهب الإمام مالك فأعجبوا به أيّما إعجاب، لذلك نرى أن القانون الفرنسي اليوم يعتمد اعتمادا كبيرا على فقه مالك. وبواسطة هذه النافذة انتشر الفقه الإسلامي في فرنسا واطّلع عليه كثير من المستشرقين في أوروبا الذين بدءوا يتحركون لصدّ ومحاربة هذا الغزو الإسلامي وذلك بزرع الشكوك والشبهات ليبعدوا الناس عن الإسلام، فادعوا قائلين: هؤلاء العرب أصحاب الأدمغة القانونية مثل مالك وأبو حنيفة جاءوا إلى الأعراف القبلية عند العرب فدوّنوها وجمعوها ونظّموها وفكروا بطريقة يخلدون هذه الأحكام بها ووجدوا أنّ الطريقة هي أن يبتدعوا لها إطارا دينيا فاخترعوا لها الأدلة من الأحاديث والنصوص القرآنية لكي يرسخوا بهذه الأدلة الأعراف العربية والقبلية التي كانت سائدة منذ العصر الجاهلي!!!. أ يعقل هذا الكلام؟ الإمام مالك الذي رحل إليه الناس وقال لا أدري والذي كان لا يحدّث حتى يغتسل ويلبس البياض من الثياب ويبكي عند ما يذكر حديث رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم والذي لم يطأ المدينة بحافر دابة قط أدبا مع النبي صلّى اللّه عليه وسلّم، أ يعقل بعد كل هذا أن يقال عنه ما قيل؟. فهذا شاخت، وهو أحد المستشرقين أعداء الإسلام يقول إنّ مالكا اخترع الحديث! فكل واحد يقيس الناس على نفسه: الدجّالون أمثال كريمر وشاخت وغيرهم يجلسون في ما بينهم فيختلقون الأكاذيب ثم يظهرونها على أنها حقائق ويظنون أن غيرهم يفعل الشيء نفسه.
يقول الدكتور أمين المصري رحمه اللّه وهو أحد علماء الشام إنه عند ما ذهب إلى أوروبا لنيل شهادة الدكتوراة في الشريعة الإسلامية - هكذا حظنا أن ندرس الشريعة الإسلامية في أوروبا؟! - ، فكّر في موضوع لأطروحته، فوجد كتاب شاخت عن الفقه الإسلامي من أهم الكتب في أوروبا (وكتاب شاخت هذا يعتمد ويؤكد هذه النظرية الباطلة