كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 14)

التي أشرنا إليها عن اختراع مالك للحديث)، فقرر أن تكون أطروحته دراسة هذا الكتاب. فجاءت دراسته موضحة بما لا مزيد عليه اللبس الحاصل كاشفة أكاذيبهم دافعة لكل أباطيلهم وافتراءاتهم بحيث يتبين القارئ المنصف حقد أولئك المستشرقين وتعنتهم الذي أخرجهم عن المنهج العلمي في البحث ودفعهم لاختلاق الأكاذيب ... هذا ما دفع إدارة الجامعة إلى رفض أطروحته وألزمته بالتحول عن هذا الموضوع، فلما أبى لم يستطع أن يحصل على شهادة الأستاذية واضطر أن يأخذ شهادة في علم النفس وعلم التربية وأن يترك دراسة الشريعة الإسلامية في الغرب.
وفاته: توفي الإمام مالك في أوائل عام 179 ه عن 87 سنة في الأرض التي لم يفارقها قط إلا للحج حبا وشوقا للنبي صلّى اللّه عليه وسلّم. وقد بقي مفتيا للمدينة مدة ستين سنة. وكان من أبلغ الناس حزنا عليه وأشدهم بكاء تلميذه النجيب ووارث الإمامة من بعده محمد بن إدريس الشافعي. ولقد دفن مالك رضي اللّه عنه في البقيع.
وكان الإمام مالك قد ترك حضور الجنازات في آخر حياته وكان يأتي أصحابها فيعزيهم ثم ترك ذلك كله ولم يشهد الصلوات في المسجد ولا الجمعة أيضا، فعوتب في ذلك فقال: ليس كل الناس يقدر أن يتكلم بعذره. وعلم بعد ذلك أنه كان قد اصيب بسلس البول وكان يخشى أن ينجّس مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وقال وهو يودّع الدنيا: لو لا أني في آخر يوم من الدنيا وأوله من الآخرة ما أخبرتكم، سلس بولي، فكرهت أن آتي مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على غير طهارة استخفافا برسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وكرهت أن أذكر علّتي فأشكو ربي!!!.
من أقواله:
- كلما كان رجل صادق لا يكذب في حديثه (أي مطلق حديث) إلا متّع بعقله ولم يصبه مع الهرم آفة ولا خرف.
- من لم يكن فيه خير لنفسه لم يكن فيه خير لغيره.
انتهينا من الحديث عن الإمام مالك وفقهه والسبب الذي جعل مذهبه ينتشر ويترسخ في كثير من أنحاء العالم الغربي والإسلامي وعرفنا كيف أنّ اجتهاد الإمام مالك زاد في التقريب بين مذهبي أهل الحديث في الحجاز وأهل الرأي في العراق. وعرفنا لما ذا نمت مدرسة الحديث في الحجاز ولما ذا نمت مدرسة الحديث في العراق. تكلمنا أيضا عن دور الإمام أبي حنيفة والإمام مالك في نسج شجون الصلة بين هذين المذهبين في الشكل

الصفحة 161