كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 14)

الذي ذكرناه وانتهينا إليه. والآن ننتقل إلى الكلام عن الإمام الشافعي رحمه اللّه تعالى.
3 - ترجمة الإمام الشافعي رضي اللّه عنه:
بشارة النبي صلّى اللّه عليه وسلّم به:
قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن علي وابن عباس:" اللهم اهد قريشا فإنّ العالم منهم يسع طباق الأرض في آخرين"، رواه أحمد والترمذي وقال حسن ...
وقال صلّى اللّه عليه وسلّم:" لا تسبّوا قريشا فإنّ عالمها يملأ الأرض علما"، قال ابن حجر الهيثمي حديث حسن له طرق عديدة.
اسمه ونسبه وتاريخ ميلاده:
هو محمد بن إدريس الشافعي، ولد بالاتفاق عام 150 هجرية أي في العام الذي توفي فيه أبو حنيفة وقد غالى البعض فقال في اليوم نفسه الذي مات فيه أبو حنيفة. والصحيح الذي ذهب إليه الجمهور أنه ولد في غزة في فلسطين، والده قرشي ويلتقي نسبه مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في عبد مناف جده صلّى اللّه عليه وسلّم. أما أمه فمن قبيلة أخرى، من قبيلة الأسد وهي قبيلة عربية أصيلة ولكنها ليست قرشية. ولد الشافعي في أسرة فقيرة جدا، وبعد ولادته بعامين توفي أبوه فقررت أمه العودة بابنها محمد إلى مكة لأنه قرشي حتى لا يضيع نسبه ولأن له سهم من ذوي القربى.
ولكن هذا المال الذي كانت تأخذه من سهم ذوي القربى كان قليلا وقليلا جدا، فعانت هي ووليدها محمد حرمانا وفقرا. ولكن الأم كانت قوية الشخصية راسخة الإيمان، على جانب من العلم والحفظ، فأرادت لولدها أن يتعلم ويحفظ فدفعت به إلى مكان في مكة يقرئ الصبيان. ولكن الأم لم تجد أجر المعلم، فكان الشيخ المقرئ يهمل ويقصّر في تعليم الصبي المتعطّش إلى العلم والمعرفة ولكن كان المعلم إذا علّم صبيا شيئا، تلقّف الشافعي ذلك الكلام ثم إذا قام المعلم من مكانه ليقضي شأنه أخذ محمد مكانه وراح يعلم الصبيان تلك الأشياء. ورآه المعلم يفعل ذلك، فارتاحت نفسه ونظر إلى أنّ الشافعي يكفيه من أمر الصبيان أكثر من الأجرة التي يطمع بها منه فترك طلب الأجرة واستمرت هذه الحال مع الشافعي حتى حفظ القرآن وهو دون العاشرة من عمره ومنهم من قال وهو ابن سبع سنين.
عرف الشافعي بشجو صوته في القراءة. قال ابن نصر: كنا إذا أردنا أن نبكي قال بعضنا لبعض: قوموا إلى هذا الفتى المطلبي يقرأ القرآن، فإذا أتيناه (يصلي في الحرم) استفتح القرآن حتى يتساقط الناس ويكثر عجيجهم بالبكاء من حسن صوته فإذا رأى

الصفحة 162