كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 14)

الأحاديث وتنسيقها من بعده فجمعها عبد اللّه بطريق السند وهذا الأسلوب يعتبر صعبا جدا وهو أن يرتب الأحاديث حسب درجة رواتها من الصحابة فيبدأ بالأحاديث المروية عن أبي بكر ثم عن عمر ثم هكذا. وكانت طريقة الإمام أحمد في انتقاء الأحاديث أنها إن كانت تتعلق بأحكام أو عقيدة كان لا بد من اشتراط الصحة فيها، أما إن كانت تتعلق بفضائل الأعمال ولها ما يؤيدها من الكتاب أو السنة الصحيحة فلا بأس أن تكون ضعيفة. وإن كان الحديث يعارضه نص آخر أقوى منه لا يمكن الجمع بينهما، حذف الأضعف.
مثلا نجد اسم عبد اللّه بن لهيعة في المسند مع أنّ الحفاظ ضعفوه لا لأنه اتّهم بالكذب ولكن الرجل كان عنده كتب ومخطوطات كثيرة كان يروي عنها ثم تلفت، فلما تلفت أخذ يرويها من الذاكرة وكثيرا ما كان يخطئ ورواة الحديث كانوا متشددين ومدققين ومحتاطين جدا في هذا الأمر. جزم ابن تيمية وابن القيم أنه ليس في المسند حديث موضوع، وقال البعض فيه أربعة أحاديث موضوعة ولكنها ليست من أحمد.
والأحاديث الضعيفة التي في المسند لا تتعلق بالأحكام وهي ليست شديدة الضعف. ولقد طاف أحمد بن حنبل الدنيا مرتين حتى جمع مسنده.
من أقواله: له أقوال جليلة منها: إذا أردت أن يدوم لك اللّه كما تحب فكن كما يحب.
قصة ثوب أحمد بن حنبل: وقعت حريق في بيت صالح بن أحمد بن حنبل وكان قد تزوج بامرأة ثرية، فلما علم بأمر الحريق راح يبكي لا على شيء ولكن على ثوب أبيه الذي كان يتبرك به، ولما دخل إلى بيته، وجد الثوب على السرير وقد أكلت النار ما حوله وبقي سالما.
وهناك مذاهب فقهية عديدة أخرى لا يتسع المجال لتفصيلها، كالزيدية للإمام زيد بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم الرضوان والسلام جميعا، والجعفرية للإمام جعفر الصادق رضي اللّه عنه، والظاهرية لابن حزم الأندلسي .. وهناك أيضا مذاهب أخرى قسم منها دثر أو قلّ أتباعه كمذهب الأوزاعي والثوري وعطاء بن أبي رباح وإبراهيم النخعي وعبد اللّه بن المبارك وغيرهم الكثير .. فقد

الصفحة 187