كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 14)

ذكر الأستاذ الدكتور عبد الحميد حمد العبيدي أنه أشرف على بحوث دراسات عليا ماجستير ودكتوراه عديدة بكلية الشريعة بجامعة بغداد في تفصيل المذاهب الفقهية فوجدوا أنها بالعشرات .. وقد قسّم هذه المذاهب الفقهية إلى عدة أقسام:
1 - من العلماء من كان له مذهب فقهي وكان له طلاب علم وأتباع، فدونوا علمه فوصلنا كما هو الحال في المذاهب الأربعة لأهل السنة مع المذهبين الشيعيين الزيدية والجعفرية.
2 - منهم من كان له مذهب فقهي كبير الشأن واتبعه كثير من الناس فدونه أتباعه ولكنه دثر كما هو حال كثير من المذاهب كمذهب الأوزاعي والثوري وعطاء بن أبي رباح وإبراهيم النخعي وعبد اللّه بن المبارك وغيرهم الكثير، فضعف أتباعها وانتهت ولم تعد متبعة.
3 - منهم من كان له اتباع ولكنهم بقي منهم القليل كما هو حال المذهب الظاهري لابن حزم الأندلسي، وكذلك الأشاعرة والأباضية.
4 - ومنهم من كان له مذهب ولكن لم يدون ولم يكن له طلاب يدونون علمه.
وغير ذلك من التصانيف مما لا يتسع المجال لذكره، وما ذلك إلا لسعة أفق هذا الدين ليشمل كل الأجناس ويستوعب كل الحضارات وعلى مر العصور، إذ معلوم أن الخلاف في المذهب الفقهي عن الآخر متأت من خلاف على تفسير آية أو مجموعة أحاديث، أو خلاف على إجماع أو قياس وكما فصلنا في بداية الملحق هذا .. هذا الخلاف إنما هو خلاف في الفروع وليس في أصول الدين كما حصل في فرق الأديان السابقة التي اختلفت في الأصول فذمّها اللّه تعالى في القرآن الكريم في آيات عديدة منها قوله تعالى مخاطبا نبيه صلّى اللّه عليه وسلّم إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وكانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّما أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ (159)، (الأنعام: 159) ..
لذلك فهذا الخلاف مقبول عند اللّه تعالى فلا يصل إلى مرحلة الاختلاف «1» التي ذمّها اللّه تعالى في كتابه الكريم وحذر منها المصطفى صلّى اللّه عليه وسلّم. وكل هذه المذاهب كان
______________________________
(1) راجع كتابنا (القوانين القرآنية للحضارات - النسخة المفصلة) فستجد تفاصيل عن الفرق بين الخلاف والاختلاف.

الصفحة 188