كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 14)
الاقتصاد للفرد والمجتمع، كما تبين مدى التهديد العظيم الذي هدد به اللّه تعالى المتعاملين بالربا ألا وهو حرب من اللّه ورسوله، وهذا ما نراه اليوم.
ولقد اكتشف علميا أن القلق الذي يحدث نتيجة تراكم الثروات يؤدي إلى إفراز مادة الأدرينالين التي بدورها ترفع ضغط الدم وتؤدي إلى الحزن والألم، وهذا يؤدي إلى مرض البول السكري، ويتعرض الإنسان إلى الانفعالات العصبية فيرى الدنيا في عينيه سوداء قاتمة لا أمل فيها. يؤدي ذلك بالتراكم إلى تخبط الإنسان فيصبح بحال غير طبيعي كأن به مسا من جن أو كأنه مجنون، وهذا ما وصفه تعالى في كتابه الكريم في الآيات التي استعرضناها آنفا من الآية 275 من سورة البقرة والتي تصف حالة المتعاملين بالربا: الَّذِينَ يَاكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِّ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا وأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وحَرَّمَ الرِّبا .... كما وأنك تجد نسبة عالية من الناس قد أصابهم من الربا أما مباشرة أو أصابهم من رشاشه تماما كما تنبأ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فيما سيكون من أمر الناس عند آخر الزمان «1»، فاختلطت أموالهم الحلال بحرامه بسبب البنوك والتعاملات الربوية من جهة وبسبب تداخل المصالح العالمية اليوم بشبكة عنكبوتية والتي أصبح معها من الصعب بمكان الانفكاك منها شئنا أم أبينا. فما ذا كانت النتيجة أننا أكلنا في بطوننا بعض هذا الحرام المتأتي من الربا المفروض علينا فرضا، فأصبح الرجال والنساء يرقصون ويتمايلون في الملاهي والطرقات كأنهم بهم مس من الشيطان، إلا من رحم ربي، فصدق اللّه ورسوله.
ذكرنا تلك المشاكل الصحية المتأتية من الربا رغم أنه يفترض أن ندرجها ضمن المواضيع الطبية، ولكن الموضوع يقتضي الإشارة المباشرة. ولا أريد هنا الدخول في الأسباب التي أوصلتنا إلى هذه النهاية لأن الشرح يطول، ولكنني سأذكر بعض الأمور من كتاب ألفه رجل أمريكي اسمه وليم غاي كار وترجمه إلى العربية سعيد جزائرلي وطبعته بالنسخة العربية دار النفائس للطباعة والنشر. اسم الكتاب (أحجار على رقعة الشطرنج) دفع المؤلف حياته ثمنا له وكان قد استغرق في تأليفه وجمع وثائقه وحقائقه حوالي أربعين عاما وقد أحدث ضجة كبيرة في خمسينات القرن العشرين ولا يزال من المصادر
______________________________
(1) راجع الأحاديث التي وردت في ذلك في كتابنا الأخير من هذه السلسلة (آخر الزمان).