كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 14)

الحبال التي أوثقوها حول رقاب الشعوب وما فعلوه من أسلوب اقتصادي خنق العالم وكبله بالديون والمشاكل الاقتصادية التي لا تنتهي وما صندوق النقد الدولي إلا ذراع واحد من أذرع هذا الأخطبوط المرعب.
لنتحول الآن إلى كاتب آخر وهو الدكتور حسين مؤنس، إذ كتب بحثا في مجلة أكتوبر المصرية (العدد 475، ديسمبر، 1985، ص 50 - 52)، توصل فيه في النهاية إلى تعبير نصه: «إذن فالربا يعني خراب الدنيا فعلا»، قال فيه: «خلال السنوات الماضية تجلى بوضوح أكثر فأكثر أن العالم كله يسير بسرعة متزايدة نحو كارثة اقتصادية بلا حدود، وأن تلك الكارثة لا ترجع إلى أن موارد الخير والرزق في الأرض قد قلّت ولم تعد تكفي الناس، لأن الحقيقة عكس ذلك فقد ازدادت هذه الموارد خلال السنوات الماضية بصورة تخطت كل التوقعات والدراسات، فإنتاج العالم من الغذاء يبلغ اليوم أضعاف حاجة البشرية جميعا إذا هي دبرت بعدالة، ففي بعض بلاد الدنيا مقادير من الغذاء تكفي أهل الأرض جميعا، فهذه أمريكا تتحدث عن جبال القمح، وهذه أوربا تحدثت عن جبال الزبد، بينما في قارة إفريقيا يموت 10 خ من سكانها سنويا في حين أن الملوك والأمراء يعملون موائد تكفي إنقاذ أضعاف هذا الرقم من موتهم وهلاكهم ولا أحسب هذا التفاوت إلا من جراء الربا».
وقد ساق الرجل أمثلة عديدة بالأرقام حول موضوع الربا فمثلا نراه يقول «إن القلم الذي أكتب به الآن يكلف من مواد وصناعة وهندسة ونقل وأمور أخرى رقما يساوي عشر المبلغ الذي أشتريه به»، وأمثلة أخرى عديدة، ويقول أيضا متسائلا بعد هذه الأمثلة، (ما الذي يجعل هذا الفرق الهائل بين الواحد والعشرة؟! فيجيب، الوسطاء والبنوك، ثم يتساءل في نهاية البحث ما الذي يعطي الدولار كل هذه القوة؟!، إنه الربا، إنها المعاملات الربوية التي هي أساس الاقتصاد الغربي كله. لأن الثروة الأمريكية التي لا تصدق والتي يصل قيمة المداورة اليومية لها مئات البلايين من الدولارات لا يمكن أن تكون قد تكدست بهذه الصورة الرهيبة عن طريق التجارة الحرة الشريفة، لأن أرباح المعاملات التجارية مهما بلغت فإن للمكاسب التجارية حدودا، والشطارة والمهارة مهما بلغت فهي لن تسمح لك ببيع منتجاتك بأكثر من أربعة أو خمسة أضعاف تكلفتها، فإذا أنت بعتها بمائة ضعف فأنت هنا تدخل في ميدان السرقة، والسرقة

الصفحة 21