كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 14)

هذا نصه: (الفائدة على أنواع القروض كلها ربا محرم، لا فرق في ذلك بين ما يسمى بالقرض الاستهلاكي وما يسمى بالقرض الإنتاجي، وإن كثير الربا وقليله حرام). إن الربا له أضرار كثيرة في جوانب ثلاثة: الجانب الخلقي والجانب الاجتماعي والجانب الاقتصادي.
يرى عميد الاقتصاديين الأوربيين (كينز) أن الربا هو سبب الكساد، وأن المجتمع النامي لكي يحقق آماله في التنمية عليه أن يصل في تعامله الاقتصادي إلى الدرجة التي تصير درجة الفائدة (الربا) صفرا .. وإن نظرة واحدة إلى ديون العالم النامي التي وصلت إلى أرقام مرعبة، هي كلها ديون ربوية، ومهما عملت الدولة لتسديد تلك الديون تراها تغرق فيها أكثر، السبب ببساطة أن المبدأ هو مبدأ إيغال في المشكلة وليس حلها.
على أن هناك فوائد لا تنكر من عمل المصارف الإسلامية كتيسير التبادل وتعزيز طاقة رأس المال وتحويل النقود بين الدول وبيع وشراء العملات وإصدار الشيكات وتحصيل الديون وبيع أسهم الشركات وتأجير الخزائن الحديدية وتسهيل التعامل مع الدول الأخرى .. ومن هنا بدأت فكرة البنوك غير الربوية في خمسينيات القرن العشرين الميلادي، وقد أثبتت نجاحا باهرا مما دفع إلى تطوير الفكرة وانتشارها حتى وصل إلى أوربا وأمريكا «1».
في بدايات العقد التسعيني من القرن العشرين الميلادي عقد مؤتمر عن الاقتصاد الإسلامي في جامعة ليفيبوروه البريطانية بحضور كبار اقتصاديي العالم، واستمعوا إلى شروح عن آيات القرآن الكريم وأحاديث المصطفى صلّى اللّه عليه وسلّم المتعلقة بتنظيم الشئون الاقتصادية، فكان الانبهار العظيم من الجميع، وتم الاتفاق على تدريس الاقتصاد الإسلامي في الجامعات البريطانية في البكولوريوس والماجستير والدكتوراة.
وفعلا في عام 1996 م تأسس معهد ماركفيلد للدراسات الإسلامية الاقتصادية تحت إشراف أساتذة مسلمين متخصصين أمناء وأوفياء، وليس المستشرقين الذين شوهوا الإسلام وكتابه وسنة رسوله، ودسوا لنا السم في الدسم. وقد قام هؤلاء الأساتذة بالإشراف
______________________________
(1) بحث للأستاذ صلاح الدين عبد المجيد في مجلة التربية الإسلامية، السنة 35، العدد 12، ص 27 - 30، بتصرف.

الصفحة 23