كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 14)
الفصل الثالث النظام الاجتماعي الإسلامي
لقد كون رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم مجتمعا رائعا بعد أن طبق النواميس والأوامر الإلهية التي جاء بها القرآن الكريم، فبدأ بالنفس والأهل والأقربون صعودا إلى المجتمع والمدينة والدولة، فكانت تلك الحقبة تمثل أعظم الحقب التي حفظت للإنسان كرامته وعزته بعد أن عرف ربه واستقام على ذلك.
وهنا أسرد قصة لطيفة لأحد الرحالة الأوربيين الذي زار بغداد في العصر العباسي الثاني، فآجر منزلا، وكان يستيقظ كل صباح فيجد القمامة التي رماها في باب بيته ليلة الأمس وقد أزيلت، وكان يتعجب للأمر. فقرر ذات ليلة أن يراقب الباب ولا ينام، فإذا بجاره يخرج عند هجيع الليل ليحمل القمامة ويرميها بعيدا. فأتى لجاره بعد ذلك فسأله عن الأمر، فقال له الجار، إني واللّه لم أكن أتمنى أن تعلم بهذا، أما أنك وقد علمت وسألتني فسأجيبك ... إن ديننا قد وصى بالجار، وإنني رجل أخاف العبور على الصراط يوم القيامة، فلم يفهم السائل، فسأله عما عناه بالصراط، ففسر له الأمر، فازداد عجبه. وعند ما عاد لبلده روى القصة لأهله وقال لهم متسائلا: هل استطاعت كل فلسفاتنا أن تضع في الناس خلقا رفيعا مثل ما فعله الصراط بالمسلمين؟ ... ذكرت تلك القصة لأبين لكل من يدعي أن المسلمين أخذوا النظافة من الغرب أن يعود لهذه الحضارة الرائعة وذلك التاريخ المشرف ليعرف إلى أية أمة ينتمي.
ولقد كفلت حضارة الإسلام العظيمة للبشر كل ما يحتاجونه لإقامة الأسس والمرتكزات التي حددتها، ومن ذلك:
1. حرمة الدم وحفظ حق الحياة:
مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً ومَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً ولَقَدْ جاءَتْهُمْ رُسُلُنا بِالْبَيِّناتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ بَعْدَ ذلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ (32)، (المائدة: 32).
2. حرمة العرض فصان للفرد حق الكرامة:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ