كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 14)
(الجمعة: 10) .. ويقول تعالى أيضا هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَناكِبِها وكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وإِلَيْهِ النُّشُورُ (15)، (الملك: 15) .. وكأن القرآن يصرخ بالناس أن اعملوا لتأخذوا ثمرة عملكم، واتعبوا وانصبوا لتجدوا لذة كسبكم. فالسعي إذن هو الوسيلة إلى الكسب .. كما وقرن القرآن الكريم السعي في التجارة بالجهاد في سبيل اللّه تعالى إعلاء دينه، فيقول تعالى .. وآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وآخَرُونَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ... ، (المزمل: من الآية 20) .. والآيات في هذا المعنى كثيرة، إذ أحصى بعض الباحثين المحققين الآيات القرآنية الداعية إلى العمل والسعي لكسب العيش فكانت تزيد على 160 آية، والتي ذكرت مطلق العمل بلغت 360 آية، كما وردت معاني أخرى للعمل في 109 آية.
وفي الحديث الشريف نجد الأحاديث الكثيرة التي ترغب بالعمل، منها قوله صلّى اللّه عليه وسلّم في الحديث الذي أخرجه الإمام أحمد في باقي مسند المكثرين (8060) عن أبي هريرة عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال (خير الكسب كسب يد العامل إذا نصح) .. وقوله صلّى اللّه عليه وسلّم فيما ينقل البخاري رحمه اللّه تعالى في كتاب البيوع (1930) عن خالد بن معدان عن المقدام رضي اللّهم عنهم عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: (ما أكل أحد طعاما قطّ خيرا من أن يأكل من عمل يده وإنّ نبيّ اللّه داود عليه السّلام كان يأكل من عمل يده) .. وقوله صلّى اللّه عليه وسلّم في حديث الطبراني في الأوسط والأصبهاني من حديث ابن عباس رضي اللّه عنه: (من أمسى كالا من عمل يده أمسى مغفورا له) .. وأخرج الترمذي في كتاب البيوع (1130) عن أبي سعيد عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: (التّاجر الصّدوق الأمين مع النّبيّين والصّدّيقين والشّهداء).
ويسمو الإسلام بالعمل حتى يجعله بمنزلة الجهاد في سبيل اللّه، فقد روى كعب ابن عجرة رضي اللّه عنه قال مر على النبي صلّى اللّه عليه وسلّم رجل، فرأى أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من جلده ونشاطه، فقالوا يا رسول اللّه لو كان هذا في سبيل اللّه!، فقال صلّى اللّه عليه وسلّم: (إن كان خرج يسعى على ولده صغارا فهو في سبيل اللّه، وإن كان خرج يسعى على أبوين كبيرين فهو في سبيل اللّه، وإن كان خرج يسعى على نفسه يعفها فهو في سبيل اللّه، وإن كان خرج يسعى رياء أو مفاخرة، فهو في سبيل الشيطان)، رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح .. وقد نهى النبي صلّى اللّه عليه وسلّم عن المسألة وحث على القوة الاقتصادية فاليد العليا خير