كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 14)

الكتاب الرابع عشر: الاقتصاد والاجتماع
مقدمة
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم الحمد للّه رب العالمين والصلاة والسلام على أفضل وأشرف رسله وأنبيائه سيدنا محمد صلّى اللّه عليه وسلّم، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد.
لقاؤنا يتجدد معكم للمرة الثانية عشرة في سلسلتنا (ومضات إعجازية)، وسنتعرض في هذا الكتاب إلى روعة وسبق القرآن الكريم في مجال غاية في الأهمية، وهو علوم بناء الأفراد والأسر والمجتمعات بناء هادفا متأنيا مازجا بين الروح والمادة.
لم يعرف العالم نظاما اقتصاديا واجتماعيا عادلا يضمن للجميع حقوقهم دون غصبٍ أو تمييز بين عرق أو دين أو انتساب مثل النظام الاقتصادي والاجتماعي الإسلامي، هذا النظام العظيم الذي وصل حدا يضرب به المثل في التأريخ البشري في العدالة والمثالية، كما هو الحال في عهد سيدنا عمر بن عبد العزيز رضي اللّه عنه الذي لم يبق فردا واحدا من أفراد الأمة الإسلامية المترامية الأطراف يدخل ضمن إطار الفقراء، فالكل دون استثناء مكتف ومرتاح، هذا في الصدر الأول من عصر الرسالة الإسلامية، وهذا ما يؤكد عظمة التشريع الإسلامي للاقتصاد وأحوال المال من الزكاة والصدقات والتدابير الاقتصادية الإسلامية العظيمة الأخرى التي تحتاج إلى مجلدات كثيرة وهذا يترك لأهل الاختصاص ... أما في عصرنا هذا فإن النظام الاقتصادي والاجتماعي الإسلامي الذي طبق في السويد باقتراح من أولف بالمه نهاية العقد الثمانيني وبداية العقد التسعيني من القرن العشرين قد أنقذها من هاوية اقتصادية واجتماعية مرعبة.
لقد سبق التشريع الإسلامي كل الشعارات والثورات والمؤسسات الداعية لذلك كالثورة الفرنسية ومنظمة الأمم المتحدة ومنظمة حقوق الإنسان والدعوات المتعلقة بمحاربة التمييز العنصري بدءا من حقوق الإنسان، وعدالة توزيع الثروات، وحرية العقيدة والفكر السامي غير المبتذل، وتطبيق مبدأ القانون فوق السلطة، واحترام العهود والمواثيق مع الصديق والعدو، وسماع واحترام الرأي الآخر .. لكن الفرق الرئيس بينهما رغم تقدم الأول أي الإسلام على الثاني أي الدعوات الحديثة هو أن الأول دعى وطبق فملأ الدنيا عدلا

الصفحة 3