كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 14)

بِالْقِسْطِ وأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَاسٌ شَدِيدٌ ومَنافِعُ لِلنَّاسِ ولِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ ورُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (25)، (الحديد: 25). وقوله تعالى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللَّهِ، (الحجرات: من الآية 9) .. وبعد فإن الإسلام أسس على الأرض أول دولة قانونية تخضع فيه السلطة خضوعا تاما لقيود تسمو عليها، لأن مصدرها كتاب اللّه وأساسها الفكري العقيدة، لا تقبل التلبس بالظلم والباطل وكما ذكرنا في قصة الإمام علي عليه الرضوان والسلام مع اليهودي، ترعى حقوق الإنسان من خلال منظومة كاملة من الأحكام، وحقوق الإنسان في الإسلام ذات صفة دينية تقوم على العقيدة والعبادات، وهي ليست منحة من بشر وإنما هي منح إلهية واجبة على الجميع، ولا مجال فيها لاستثناء أو تمييز ما بين حاكم ومحكوم «1».
منزلة المرأة والأسرة في الإسلام:
رغم أننا قد تحدثنا عن بعض أوجه العظمة والروعة في التشريع الإسلامي في الزواج وأسس تكون الأسرة في كتاب الطب النفسي، إلا إننا هنا سنحاول الولوج أكثر في هذا الموضوع.
إن من أشد ما تبتلى به الأمم والمجتمعات والأفراد عدم الاتعاظ بأخطاء وتجارب غيرها من الأمم والمجتمعات البشرية على المستويين الفردي والجماعي، ولذا حفل القرآن الكريم بقصص الأمم السابقة، فأحد أسباب ارتقاء العنصر البشري مقارنة بغيره من المخلوقات تراكم الخبرات بين الأجيال وانتقالها بين الأمم، لكن كثيرا ما يتخلى الإنسان عن هذه الميزة من تلقاء نفسه فيكرر أخطاء غيره ويطيل فترة تطوره وتقدمه. ومن الأخطاء التي ما زالت تعاني منها الأمة ومجتمعاتها استيراد أنماطا اجتماعية واقتصادية غربية ذات قضايا واهتمامات مختلفة تماما عن واقعنا وحاجاتنا. لقد عشنا قرونا عديدة لا نجادل في مسلّمة جاءت في كتاب اللّه تعالى تقول: ... ولَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثى ... ، فلم يكن رجالنا يرون في ذلك ميزة لهم - إلا حالات شاذة لا يقاس عليها - ، ولم تكن نساؤنا يرين فيها إقلالا من شأنهن أو حطا من قدرهن، بل هي توصيف لواقع وفطرة نراها
______________________________
(1) عن مقالة للأستاذ الدكتور أكرم عبد الرزاق المشهداني بمجلة التربية الإسلامية بعنوان حقوق الإنسان بين الشريعة والقوانين الوضعية، السنة 35 - العدد 12، ص 49 - 53، بتصرف.

الصفحة 32