كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 14)
شاخصة ليس فقط بين بني البشر بل بين الذكر والأنثى لدى مخلوقات اللّه تعالى مما نرى حولنا. لكن هذا الواقع تغير لا بسبب اكتشاف جديد وضعنا أيدينا عليه أو مشكلة نجمت عن هذه المسلّمة، بل لأن تيارا في بعض بلدان الغرب سعى لأن يكون عكس ذلك بدعوى أن المرأة مظلومة لأنها لم تعط حقوقها عبر التاريخ، فجاءت استجابات مجتمعاتنا لهذه الدعاوى سريعة دون تمحيص أو تروي لمعرفة الحقيقة وإعطاء كل ذي حق حقه، فالمرأة في الغرب تخرّج امرأة تقود طائرة حربية، فنفعل حتى ولو كنا لا نقاتل أعدائنا، وهم يعملون فرق رياضية نسوية في الجمباز الخليع فنفعل ولكن بالبنطال، والمرأة عندهم تلبس الخليع لموضة خريف عام كذا فنفعل ونقلد كالببغاوات والأرجوزات، وغير ذلك من الأمثلة التي تنم عن عقد نفسية مترسخة في كثير ممن ينتمون لهذه الأمة بالاسم فقط، اسمها الغرب.
إن حقيقة كون الجنسين متساويين في كل شيء وبشكل مطلق تم ترويجها في السنين الأخيرة من حياة البشرية، فدعوى تحرير المرأة ودعوى المساواة وإنقاذ الجنس اللطيف من همجية الرجال وتسلطهم جاءت متأخرة وبالتحديد في القرنين الماضيين فقط.
فلم نسمع في تاريخ الحضارات جميعا صدى لهذه الدعوة، لا لأن الرجل كان يضطهد المرأة ويبيعها في سوق النخاسة، أو يتمتع بها ويرميها، أو لأسباب أخرى، وإنما لأن هذه الدعوة هي باختصار كلمة حق يراد بها باطل.
فحقيقة أن المرأة مضطهدة في كثير من حقوقها لا ينكرها عاقل، ولكن المشكلة هذا التكالب والثورة غير المنضبطة في سبيل تحقيق ما يزعم أنه تطبيق عادل لما يضمن للمرأة حقوقها المتكافئة مع حقوق الرجل بما يجعل المجتمع يسير في طريق الخير والمساواة، ولكن الحقيقة أن المسألة أخطر من ذلك بكثير.
لقد أعطى الإسلام حقوقا للمرأة وتكريما لم يشهد التاريخ البشري مثيلا له من قبل، فقد كانت البنت محتقرة، ومحل سخرية وتذمر لأهلها في أغلب المجتمعات البشرية قبل الإسلام، ولا يقتصر ذلك على عرب الجزيرة كما يظن البعض وإن كان يبدو أن الأمر لدى العرب يأخذ منحى أكبر، فقد كانت توأد وتدفن حية لمجرد كونها أنثى، فكان هذه الأفعال وغيرها من أشد الأفعال التي ردّها الإسلام وحرّمها بقوله تعالى أَفَأَصْفاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ واتَّخَذَ مِنَ الْمَلائِكَةِ إِناثاً إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلًا عَظِيماً (40)،