كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 14)

(الإسراء: 40) .. وإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وهُوَ كَظِيمٌ (58) يَتَوارى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ ما بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرابِ أَلا ساءَ ما يَحْكُمُونَ (59)، (النحل) .. أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَناتٍ وأَصْفاكُمْ بِالْبَنِينَ (16) وإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِما ضَرَبَ لِلرَّحْمنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وهُوَ كَظِيمٌ (17) (الزخرف) ..
وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ (9)، (التكوير).
وهكذا نزل القرآن الكريم ليعطي المرأة المنزلة الراقية التي تستحق، فأفرد لها سورة باسمها (سورة النساء) والتي ثبتت حقيقة مهمة في بداياتها وهي مساواة المرأة للرجل في النشأة والخلق والعبودية للّه تعالى يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وخَلَقَ مِنْها زَوْجَها وبَثَّ مِنْهُما رِجالًا كَثِيراً ونِساءً واتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ والْأَرْحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً (1)، (النساء: 1). فكلمة زوج تعني المقابلة، فللزوجية في القرآن عدة معاني وهنا تعني التقابل أو التكامل أو المساواة وليس التضاد ...
كذلك جمع اللّه تعالى بين الجنسين في مهمة استخلاف اللّه البشر على إدارة الأرض وإصلاحها وهو يقصد جنس البشر ذكرا كان أو أنثى (البقرة: 30)، وسوّى بين الجنسين في التكريم والتفضيل الذي خصّ به الإنسان (الإسراء: 70)، وساوى بينهما في الخلق من طين (ص: 16)، ونفى الإسلام عن المرأة مسئولية الخطيئة الأصلية. كما ركزت الآيات والأحاديث على المساواة في العمل مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً ولَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (97)، (النحل: 97). هنا تجدر الإشارة إلى أن تقديم الذكر على الأنثى لا يفيد التفضيل كما يظن البعض، فكما يعلم من قواعد اللغة والأحكام الشرعية أن التغليب هنا يفيد المساواة، فالقرآن كان يمكن أن يشير إلى النساء بصيغة جمع المذكر الذي يفهم على أنه يعني الإناث أيضا، وهذا يعرف لغة بالتغليب، ولكن القرآن فضل الوضوح منعا للبس وتأكيدا للمساواة. كذلك ساوى الشرع الحنيف بين الجنسين في اكتساب الأجر ولا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا ولِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وسْئَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً، (النساء:

الصفحة 34