كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 14)

والمعروف قانونا بالمساواة القانونية بين الجنسين تقول (النساء شقائق الرجال). ولكن الإسلام غلّظ العقوبة في الدنيا والآخرة على الذين يدّعون أمر الزنا على المرأة دون بينة ويتهمونها جزافا وبهتانا، إذ عليهم بأربعة شهود على دقة ادعاءهم: والَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَاتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً ولا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً وأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (4)، (النور: 4) .. إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ الْغافِلاتِ الْمُؤْمِناتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيا والْآخِرَةِ ولَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ، (23)، (النور: 23).
أما في المعاملة فقد أمر الشرع الحنيف الرجال بحسن المعاملة مع النساء، فها هو رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يوصينا بالنساء في كل الأوقات، بل وحتى قبل وفاته صلّى اللّه عليه وسلّم كان آخر كلامه أن استوصوا بالنساء خيرا، وكان أحن الناس على أزواجه، ففي الحديث الذي أخرجه الترمذي (المناقب 3830) عن عائشة قالت: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي) .. وفي بعض أسفاره كان يأخذ إحدى زوجاته صلّى اللّه عليه وسلّم فحصل أن ساق الحادي الجمل بقوة فوبخه صلّى اللّه عليه وسلّم على هذا الفعل وأمره أن يرفق بالقوارير أي بالنساء، وسماهنّ كذلك لرقتهن، فقد أخرج البخاري في الأدب (5741) عن أنس بن مالك قال كان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في مسير له فحدا الحادي فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: (ارفق يا أنجشة ويحك بالقوارير). والمتتبع لسيرة المصطفى صلّى اللّه عليه وسلّم وسير الصحابة والتابعين يجد القصص الرائعة التي تذرف لها الدموع من فرط المحبة والإخلاص وحسن التعامل والمودة بين الزوجين في البيت المسلم وبين الحاكم والمحكوم في حالة الدولة والقضاء.
أما قدسية الزواج فقد كرّم الإسلام الزوجة أيما تكريم منذ خطبتها وحتى أقرب الأجلين الموت أو التفريق إن حصل وما يتخلل ذلك من معاملات، وفي كلتا الحالتين لا يجوز للزوج أن يأخذ من الزوجة ما قدمه لها إلا إذا أتت بفاحشة وإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ وآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً فَلا تَاخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَتَاخُذُونَهُ بُهْتاناً وإِثْماً مُبِيناً (20)، (النساء: 20). وأما الزوجة الصالحة فقد جعلت أعظم كنز يعطى للرجل في دنياه. ففي سنن أبي داود (الزكاة 1417) عن ابن عبّاس رضي اللّه عنهما قال: لمّا نزلت هذه الآية والَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ والْفِضَّةَ ... ، قال كبر ذلك على المسلمين فقال عمر رضي اللّه عنه أنا أفرّج عنكم فانطلق فقال يا نبيّ اللّه إنّه كبر على

الصفحة 36