كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 14)
أصحابك هذه الآية فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: (إنّ اللّه لم يفرض الزّكاة إلّا ليطيّب ما بقي من أموالكم وإنّما فرض المواريث لتكون لمن بعدكم)، فكبّر عمر ثمّ قال له (ألا أخبرك بخير ما يكنز المرء المرأة الصّالحة إذا نظر إليها سرّته وإذا أمرها أطاعته وإذا غاب عنها حفظته).
أما تعدد الزوجات والتي أخذها الغرب حجة على الإسلام كما توهموا، فهي اختيارية وشرعت لأسمى غرض وهو الخوف على النساء من الضياع خصوصا أولاء الأطفال منهن والذين لا يجدون من يعيلهن، فهي اختيار وبشروط مهمة أهمها إقامة العدل بينهن فإذا تعذر ذلك فزوجة واحدة تكفي وإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وثُلاثَ ورُباعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ ذلِكَ أَدْنى أَلَّا تَعُولُوا (3)، (النساء: 3). تدبر الآية وانظر أنها شرطية ابتدأت ب (وإن) أداة شرط. أي إن خفتم ألا تعطوا اليتامى حقوقهم فلكم أن تتزوجوا من أمهاتهن لترعوهم، ثم تعود الآية لتقول، ف (إن) مرة أخرى خفتم ألا تعدلوا بين النساء فزوجة واحدة فقط. ويدل على صعوبة القدرة على العدل بين النساء قوله تعالى ولَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ ولَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ وإِنْ تُصْلِحُوا وتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً (129)، (النساء: 129). وكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم دائما ما يطبق العدل بين الزوجات في الأمور الدنيوية والمعيشية فيوزع عليهن الرزق بالتساوي وكذلك كان يعطيهم حق الزوجية دون تمييز، أما في الأمور العاطفية فقد كانت السيدة عائشة رضي اللّه عنها أحب زوجاته إلى قلبه وأمور القلب ليس للإنسان عليها من سلطان. فقد أخرج الترمذي (النكاح 1059) عن عائشة أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم كان يقسم بين نسائه فيعدل ويقول: (اللّهمّ هذه قسمتي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك)، قال أبو عيسى حديث عائشة هكذا رواه غير واحد مرسلا. ومعنى قوله لا تلمني فيما تملك ولا أملك إنّما يعني به الحبّ والمودّة كذا فسّره بعض أهل العلم.
ولك أخي الكريم أن تعرف سماحة الإسلام في التشريع الذي ينظر لكل الناس صغيرهم وكبيرهم ذكرهم وأنثاهم ليحقق العدل. فكل تلك التفاصيل لتبين لك عظمة الزواج ومكانة الزوجة، كيف لا وقد جعلت وثيقة الزواج ميثاقا غليظا يشبه الميثاق