كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 14)

(طه: 132). ويتبين من مراجعة المصادر أعلاه أن من ضمن أسباب التنزيل للآية أن رجلا قد ضرب امرأته فجاءت تشتكي إلى النبي صلّى اللّه عليه وسلّم لأنها تعرف أنه صلّى اللّه عليه وسلّم سيأخذ لها الحق، وقد همّ بأخذ القصاص لها لو لا أن جبريل عليه السّلام، جاء بالأمر الإلهي أن الرجال أحق بالقوامة. ولا يظن البعض هنا أن الرجال من حقهم ضرب المرأة لأي سبب، وإنما جاءت الآية لتعطي معنى أنه في حالة استخدام الضرب كحل أخير بعد انتهاء كل الأساليب الأخرى يكون تأديبيا وألا يكون مبرحا ويتجنب الوجه كما جاء في الأحاديث، ولكي يعطي قناعة أنه في حالة الحصول لا يفترض القصاص المقابل من قبل المرأة للرجل بضربه لأنه لو شرع ذلك فلك أن تتخيل أن المرأة تضرب زوجها، فهل تبقى بعد ذلك قيمة للزوج كقيّم عليها واجب الاحترام. وبالمقابل على الزوج أن يتجنب الضرب والإهانة ويستخدم الحجة ويتحلى بالصبر.
القوامة التي عنتها الآية الكريمة لا تكون للرجل بوصفه ذكرا على المرأة بوصفها أنثى لقوة جسمه وتحمله المشاق حسب، ولكن يكون له بما يكتسبه من أخلاق، ويمارسه من أدوار على المرأة بما تكتسبه من أدوار وأخلاق، فقد خلق اللّه تعالى الذكر وفيه استعداد فطري لكي يكون رجلا مسئولا وراعيا كما خلق المرأة ولها استعداد فطري لتكون حانية راعية مهتمة بشئون أولادها وزوجها. واكتساب القوامة للرجل لغة بقيامه على شئون الأسرة بكافة احتياجاتها كالأمن والعيش وغيره. وعلى هذا الأساس تفهم القوامة من فهم المسئولية والرعاية والإدارة والإشراف التي أرشد لها الحديث (كلكم راع)، وليس التحكم والسيطرة. فالقوامة إمارة لا من باب الولاية السياسية والسلطة الاستبدادية، من باب (تفضل على من شئت تكن أميره)، دون من أو تطاول «1».
الحقائق العلمية بنفي المساواة المطلقة:
ترى هل تم إثبات حقيقة وجود الفروق بين الجنسين، وهل أن قوامة الرجل حقيقة، وهل أن كذبة مساواة الجنسين حققت علميا وتشخيصيا من قبل أهل الاختصاصات الطبية والنفسية والاجتماعية والقانونية؟!. إذا ما تم ذلك هل يبقى لدعاة كذبة المساواة ومؤتمراتهم العالمية والإقليمية والمحلية من معنى؟! ... سوف نناقش
______________________________
(1) مجلة الأسرة السعودية، العدد 124، رجب 1424 ه، ص (22 - 36)، بتصرف.

الصفحة 46