كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 14)
فالإرهاق أثره أطول في الرجال مقارنة بالنساء. كذلك فإن للنساء عاطفة جياشة وحس مرهف ورقة في المشاعر بشكل أكبر من الرجل لأن تعاملها مع الأطفال بشكل مباشر يتطلب ذلك.
لأجل ذلك جهز اللّه تعالى النساء بكل تلك الإمكانات ولم يزودها للرجال لأن لكل واحد منهما مهام تختلف عن الآخر وأحدهما يكمل الآخر ولا يتضاد أو يتقاطع معه لبناء أسرة أساسها المودة والرحمة لبناء المجتمع الفاضل الراقي ومِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً ورَحْمَةً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21)، (الروم: 21). ولأجل ذلك أيضا نبه تعالى عن تلك الآلام التي تعانيها المرأة عند الحمل والوضع وغيره والتي أثبت علميا أنها أقوى أنواع الآلام من بين كل أنواع آلام الأمراض الأخرى التي تحصل للبشر في كتابه الكريم وسماه (وهنا) بل وشدّد فقال (وهنا على وهن)، وفي الآية الأخرى بلفظ (كرها) وهذا كله تبيانا لشدة التعبير عن الألم ومعاناته، بقوله سبحانه وتعالى ووَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى وَهْنٍ وفِصالُهُ فِي عامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي ولِوالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14)، (لقمان: 14) .. ووَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً ووَضَعَتْهُ كُرْهاً وحَمْلُهُ وفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وعَلى والِدَيَّ وأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (15)، (الأحقاف: 15). فلم يبين القرآن الكريم في كل آياته تركيزا على حالة ألم لمرض قدر تركيزه على ألم الوضع. بل أن المرأة التي تموت في الولادة تعتبر شهيدة، لذلك ذكرت أحاديث كثيرة للنبي صلّى اللّه عليه وسلّم في الأم تبين لك منزلتها في الإسلام. ويا لها من منزلة جعلت الجنة تحت قدميها، وجعلت منزلة الأم مقدمة على منزلة الأب بثلاثة أضعاف. ففي صحيح مسلم (البر والصلة والآداب 4622) عن أبي هريرة قال: قال رجل يا رسول اللّه من أحقّ النّاس بحسن الصّحبة، قال صلّى اللّه عليه وسلّم:
(أمّك ثمّ أمّك ثمّ أمّك ثمّ أبوك ثمّ أدناك أدناك).
16. أثبتت البحوث الطبية أن الجنسين يستمران بفروقهما بعد البلوغ والكبر، بل ويتطور الأمر إلى نشوء الخلاف الحقيقي بين الجنسين جسديا وعضويا ونفسيا. في