كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 14)

الفصل الأول نظرة عامة
مقاصد الشريعة:
لفظ الشريعة في أصل الاستعمال اللغوي الماء الذي يرده الشاربون، وهي في نفس الوقت طريق ومنهاج ومنبع يرتوي منه، ثم نقل هذا اللفظ إلى معنى الطريقة المستقيمة التي يفيد منها المتمسكون بها هداية وتوفيقا «1».
أما الشريعة فقها فهي ما يختص بالأوامر والنواهي والإرشادات التي وجهها اللّه تعالى إلى عباده ليكونوا مؤمنين صالحين عاملين، سواء أ كانت متعلقة بالأفعال أم بالعقائد أم بالأخلاق، وذلك لأنها محكمة مستقيمة ولأنها الطريق إلى حياة النفوس وارتواء العقول. ونفوس البشر مجبولة على الأثرة وعدم الانضباط وحب الذات، فالناس بحاجة إلى تشريع ينظم علاقاتهم ويحد من أنانيتهم ويمنعهم من العشوائية وعدم الانضباط في السلوك والتصرفات، وإلا كان الأمر فوضى بينهم، والفرد في المجتمع يرغب في إيجاد نظام يحدد له الحدود والواجبات في المجتمع الذي يعيش فيه.
وحيث إن البشر لا يستقرون على ضابط واحد يضبطهم لفترة زمنية معينة، فهم دائمو التغيير في الفكر والمنطق والمعتقد بحسب مراحل الحياة التي يعيشون ونوع البيئة المحيطة وعوامل أخرى عديدة، من أجل ذلك كانت الشرائع السماوية رحمة بالعباد وفصلا بينهم فيما يختلفون أنزلها خالقهم كي يبين لهم أفضل السبل لفضّ هذه الاختلافات والنزاعات فضلا عن تنظيمها لعلاقات الناس بربهم وخالقهم كي يتوجهوا له بالحمد والشكر والعرفان بجميل النعم، فالتشريع الإلهي عدل من اللّه تعالى ورحمة لعباده «2».
تهدف الشرائع السماوية عامة وشريعة الإسلام بوجه خاص إلى تحقيق مصالح
______________________________
(1) الشريعة الإسلامية ومكانة المصلحة فيها، القاضي فاضل دولان، ص 36، وانظر (بين الفقه والقانون)، للأستاذ عبد الهادي أبو طالب، ص 7.
(2) الشريعة الإسلامية ومكانة المصلحة فيها، القاضي فاضل دولان، ص 36 - 37 بتصرف. وانظر مدخل الفقه الإسلامي، للدكتور محمد سلام مدكور، ص 11 وما بعدها.

الصفحة 9