كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 14)
آيات وأكثر أو أقل.
الحكمة من نزوله منجّما:
1 - تثبيت فؤاد النبي صلّى اللّه عليه وسلّم وتكريمه بإنزال الوحي عليه مرارا وتكرارا. قال تعالى:
كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ ورَتَّلْناهُ تَرْتِيلًا (32)، [الفرقان: 32].
قال السخاوي:" في نزوله إلى السماء جملة تكريم بني آدم وتعظيم شأنهم عند الملائكة وتعريفهم عناية اللّه بهم، ورحمته لهم، ولهذا المعنى أمر سبعين ألفا من الملائكة أن تشيع سورة الأنعام، وزاد سبحانه في هذا المعنى بأن أمر جبريل بإملائه على السفرة الكرام، وإنساخهم إياه، وتلاوتهم له." 2 - التحدي والإعجاز.
3 - تيسير حفظه وفهمه وتدبر معانيه والوقوف عند أحكامه.
4 - مراعاة حال المخاطبين بالوحي وعدم مفاجأتهم بما لا عهد لهم به ومسايرة الحوادث والتدرج في التشريع .. وأوضح مثال على ذلك، التدرج في تحريم الخمر: فقد نزل قوله تعالى: ومِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ والْأَعْنابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً ورِزْقاً حَسَناً، [النحل: 67] أشارت الآية إشارة خفية إلى أن الخمر ليس رزقا أي لا ينتفع به. ثم نزل قوله تعالى:* يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ والْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ ومَنافِعُ لِلنَّاسِ وإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما، [البقرة: 219]، ثم نزل قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وأَنْتُمْ سُكارى، [النساء: 43]، ثم قال تبارك وتعالى مصرّحا بالنهي والتحريم القاطع في سورة المائدة: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ والْمَيْسِرُ والْأَنْصابُ والْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90)، [المائدة: 90].
5 - الدلالة القاطعة على أنّ القرآن الكريم تنزيل من حكيم حميد، إذ لو كان من كلام البشر لوقع فيه التفكك والانفصام واستعصى أن يكون بينه التوافق والانسجام، يقول تعالى: ولَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً (82)، [النساء: 82]. فأحاديث رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم - وهي ذروة الفصاحة والبلاغة بعد القرآن الكريم - لا تنتظم حباتها في كتاب واحد سلس العبارة، دقيق السبك، مترابط المعاني،